السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نفحات إيمانية- تواضع خليفة المسلمين وحرصه على سلامة الرعية

  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي فـتح أبواب الجـنـان لعباده الصائمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسـلين، المبعوث رحمة للعالمين، وآله وصحبه الطيـبين الطـاهرين، ومن تبـعه وسار على دربه، واهتدى بهديه واستـن بسنــته، ودعا بدعوته إلى يوم الدين، أمـا بعد:

 
إخوة الإيمان: خـرج أمير المؤمنين عمر بن الخـطاب رضي الله عنه وأرضاه من المسجد، ومعه الجارود العبدي، فـبينـما هما خـارجان، إذ بامرأة على ظـهر الطـريق، فـسلـم عليها عمر، فـردت عليه السلام ثـم قالـت: رويدك يا عمر حتـى أكـلـمك كـلمات قـلـيلـة. قال لها: قـولي. قـالـت: هيه يا عمر!! عهدي بـك وأنـت تـسمى عميرا في سوق عكاظ، تـصارع الفتيـان، فـلـم تـذهب الأيـام حتـى سميت عمر، ثـم لـم تـذهب الأيـام حتـى سميت أمير المؤمنين، فـاتـق الله في الرعية، واعـلـم أنـه من خـاف الموت، خـشي الفـوت، فبـكى عمر رضي الله عنه! فقال الجارود: هيه، قـد اجـتـرأت على أمير المؤمنين، وأبــكـيـته. فـقال عمر: دعها، أما تـعرف هذه يا جارود؟ هذه خـولـة بـنـت حكيم التي سمع الله قـولها من فـوق سمائه، فـعمر والله أحرى أن يسمع كـلامها. أراد بذلك قولـه تعالى في سورة المجادلـة: (قـد سمع الله قـول التي تـجادلـك في زوجـها، وتشتكي إلى الله، والله يسمع تحاوركـما، إن الله سميع بصير).


قال عبد الله بن مصعب : خـطـب عمر بن الخـطـاب رضي الله عنه فقال: لا تـزيدوا مهور النـساء على أربعين أوقية ، وإن كـانـت بـنت ذي الفضة، يعني يزيد بن الحصين الحارثي، فـمن زاد، ألقـيت الزيادة في بيت المال . فـقـامت امرأة في صف النـساء فـقـالـت: ما ذاك لـك! قـال: ولم؟ قـالـت: أيعطينـا الله قنطارا ، وأنـت تـحرمنـا إياه؟! وتلـت قـولـه تعالى من سورة النـساء: (وإن أردتـم اسـتبدال زوج مكان زوج، وآتيتـم إحداهن قنطـارا فـلا تـأخذوا منـه شيئا أتأخذونـه بهتـانا وإثـما مبينا).


فقـال عمر رضوان الله عليه قـولـتـه المشهورة: (( أخطـأ عمر، وأصابت امرأة !!)) وقال: ((كــل النـاس أفــقـه منــك يا عمر!! لـيت أم عمر لـم تـلد عمر!!))


إخوة الإيمان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما أهــل عرصة بات فـيهم امرؤ جائعا، فـقـد برئـت منـهم ذمة الله" وقال: "دخـلـت امرأة النـار في هرة حبستـها، فـلا هي أطـعمتـها ولا سقـتـها، ولا هي تـركـتـها تـأكــل من خـشـاش الأرض ".


لـقـد أخـبرنـا الصادق المصدوق صلـوات الله وسلامه عليه أن ذمة الله بريئة من أهـل الحي إذا بات فيهم رجل جائع أو امرأة جائعة وهم يعلمون. كما أخبرنـا عليه الصلاة السلام أن امرأة دخـلـت النـار بـسبب تـجويعها لهرة واحدة. ولـقـد أدرك سلـفـنـا الصالح هدي المصطـفـى صلى الله عليه وسلم والتزموا بهذا وطـبــقـوه على أنــفـسهـم وسعدوا به في الدنيا والآخرة. فهذا هو خـليفـة المسلمين الثــاني عمر بن الخـطـاب ـ رضي الله عنـه وأرضاه ـ يقـول: (( والله لـو عثـرت شاة بأرض العراق لـكــنـت مسـئولا عـنها يوم القيامة: لـم لـم تـسو لـها الطـريق يا عمر ...))؟!
لقد أقـام عمر بن الخـطـاب ــ رضي الله عنه ــ العدل كـاملا بين أفراد رعـيـتـه، ولما جاءه رسول كسرى وجده نـائما تحت ظل شجرة متوسدا نـعـلــيه، وليس معه ولا يوجد حولـه حرس يحرسونـه...! فلما رآه على هذه الحال قال:{حكمت فـعدلـت فـأمنـت فـنمت...!} ولـقـد صور لنـا الشـاعر هذا المشهد فـقال:


أمنـت لما أقمت العدل بينـهــم *** فـنمت نـوم قـرير العين هانيها!


أرأيتـم إخوة الإيمان إحساس الراعي الحريص على رعيــته؟ أرأيتـم حسن الرعاية من الراعي الذي يخـاف على رعيــته، ولا يخاف منها، بل يسعى لتـأمين الأمن والحماية لها، ويمهـد الطـريق تـحت أقدام الحيوان الأعجم ، فما ظـنــكـم وكيف تتصورون حرصه على بني البشر ؟ ثـم إذا كانـت امرأة قد دخـلـت النـار بـسبب تـجويعها لهرة فما ظـنــكـم بمن يجوع إنسانا ؟ ما ظـنـكـم بمن يتـسبب في تـعثـر إنسان ؟ ما ظـنـكـم فيمن يتـسبب في قـتــل إنسان ...؟!


لنـوسع دائرة التـساؤل أكثر فأكثر، ولا نـريد إجابة ، فهي يدركـها كــل واحد منكـم من خلال قراءته لكتـاب الله: ما ظـنــكـم بمن يجوع أمة بأكملـها؟ ما ظنــكـم بمن يتـسبب في هلاك أمة بأسرها؟ ما ظنــكـم بمن يسعى بالتآمر مع أعداء الأمة إلى القضاء عليها ونهب خـيراتها ومـقدراتها؟ هـل هناك إثم أعظـم من ذلك الإثم ؟! وما مصير من يفعل ذلك يوم القيامة؟!


وفي المقابل ما جزاء من يسعى لإنقاذ الأمة بأسرها من هذا الخـطـر الذي يتهددها ويقـض مضاجـعها؟ هل هناك عمل أفضل من هذا العمل ؟؟ وهل هناك ثــواب أعظم من ثواب هذا العمل ؟!


على المرء أن يسعى إلى الخير بجهده *** وليس عليه أن تتم النتائج


وختاما إخوة الإيمان: نسال الله عز وجل في هذا اليوم المبارك من أيام شهر رمضان الفضيل أن يهيئ لأمه الإسلام خليفة كعمر بن الخطاب رضي الله عنه وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة وأن يجعلنا من جنودها الأوفياء المخلصين إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبو إبراهيم

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع