السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

كلمة الأردن في مؤتمر "المرأة والشريعة: للتمييز بين الحق والباطل" تفكيك منهج النسوية الإسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

حصلت المرأة المسلمة على كامل حقوقها دون أن تقاوم وتقاتل وتقوم بالمسيرات والإضرابات لذلك، فقد أنصفها الإسلام وأحكامه بوصفها إنساناً أولا وأخيرا، وكانت لها مشاركات إيجابية وفعالة في كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليم والعمل، في الوقت الذي كانت فيه المرأة في الغرب تعاني ويلات المهانة والتهميش والتحقير، ولم يكن لها حقوق تذكر، ناهيكم عن سوء معاملة الذكور للإناث في الأسرة والمجتمع والكنيسة، مما دفع النساء لإيجاد حراك في المجتمعات الغربية حول حقوق المرأة ورفض ما سمي بالهيمنة الذكورية، فظهر ما يسمى بالنسوية والتي أحد تعريفاتها "أنها النظرية التي تنادي بمساواة الجنسين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وتسعى كحركة سياسية إلى تحقيق حقوق المرأة واهتماماتها وإلى إزالة التمييز الجنسي والهيمنة الذكورية الذي تعاني منه المرأة".


وقد حاول البعض تقليد معالجات هذا الظلم الذي تعرضت له المرأة الغربية عبر استيراد فكرة النسوية ومحاولة أسلمتها، حيث تسعى "النظرية النسوية الإسلامية" إلى تحديث منظور المرأة من خلال مراجعة الإسلام بنظرة حديثة جديدة، وكانت مارغو بدران أول باحثة تستعمل هذا المصطلح عام 1999م حيث أشارت إلى أن الدين لا يشكل المشكلة أمام المرأة بل تكمن المشكلة في الطريقة التي يساء بها تفسير الدين وتطبيقه..


نعم أخواتي.. إن ما يطلق عليها اسم "النسوية الإسلامية" تميز بين القرآن والحديث، وتعتقد أن القرآن أكثر إنصافا للمرأة في شأن النوع، وتتهم الحديث بالإجحاف بحق المرأة المسلمة. حيث تستخدم هذه النسوية مصطلح الاجتهاد من أجل تفكيك النصوص الدينية واستخراج أحكام وفتاوى يلجأن إليها في الدفاع عن حقوق المرأة كاملة كما يدعين، أي يعملن داخل إطار الإسلام معتمدات على مناهج لغوية عدة في تفسير الخطاب الديني.. وهنا مكمن الخطورة أخواتي، حيث يصعب على النسويات الليبراليات والعلمانيات أن يحدثن نفس التغيير لسبب بسيط وهو نظرة الآخرين إليهن كونهن يحملن فكر الغرب وجئن ليهدمن مبادئ وأخلاق ودين الشرق، لذلك يكون المجتمع "الإسلامي" حذرا منهن، بل إنه قد يضع المعوقات أمام أي مشروع يأتين به من أجل المرأة وينظرون إليه بعين الشك والريبة، فبذلك تعمل "النسويات الإسلاميات" على فرض النسوية الغربية ولكن بطريقة بالغة الدهاء؛ حيث يسعين لإقناع المسلمين والمسلمات أن ما جاءت به النسوية الغربية هو عين ما يدعو إليه الإسلام، وبالتالي فلا يوجد ما يدعو لمقاومة ذلك أو نقده، فهي مجموعة من الأفكار الإنسانية الراقية الحديثة التي تتطابق مع ما جاء به الإسلام.. وتتزعم هذه الأطروحة عدد من الأكاديميات اللاتي قمن بصك المصطلح من أجل القبول به وترويجه في البلاد الإسلامية فأصبحنا نسمع بما يسمى بـ"النسوية الإسلامية"، ونذكر هنا أمينة ودود التي أمَّتْ مصلين رجالاً ونساءً في أمريكا، والتي ترى أنَّ الإسلام لا يتعارض مع الحرية ولا يحرِّم الفكر ولا يجبر النساء على ارتداء الحجاب! بصيغة أخرى إنهن يبَجِّلن الإسلام من أجل هدمه ودون أن يُتَّهمن بالخيانة والعمالة للغرب، بل قمن بصياغة العديد من المقترحات لإصلاح الوضع، ولكن بنفس اللغة وداخل نفس الإطار الديني. حيث نشهد حاليًا حركة عالمية من أجل ما يسمى بإصلاح قوانين الأحوال الشخصية الإسلامية لصالح المرأة كما يدّعون. على سبيل المثال تقول إحداهن: "إن حقوق المرأة بُترت بسبب غلبة المنظور الذكوري لعدة قرون، فقد شاع تفسير معين لآيات القرآن الكريم لم يكن دائماً كاملاً ودقيقاً، بل كان متأثراً بذلك المنظور الذكوري. ولهذا تدعو النساء لأن يجهدن أنفسهن لقراءة القرآن الكريم مجدداً من منظور أنثوي بقصد الدفاع عن حقوقهن"!!


أما الإسلام، دين الله الخالد والخاتم، فكما هو معلوم اهتم بقضايا النساء حتى إنه سمى سورة من أطول سوره باسم سورة "النساء"، ووفقا لرؤية متكاملة متوازنة وضع حزمة من الحقوق تقابلها مجموعة من الالتزامات والمسئوليات.. أما المعيار الذي دشنه الإسلام لرؤية العالم فهو ليس ذكوريا ولا أنثويا وإنما هو معيار إلهي؛ بمعنى أن ينظر الإنسان - ذكرا كان أم أنثى - لأي قضية بمعيار: هل هذا أمر يحبه الله ويرتضيه أم يكرهه ولا يقبله؟


إن النقاشات حول الفروقات بين الرجل والمرأة ومحاولة تأويل قوله تعالى: ﴿وَلَيْسَ الذََّكَرُ كَالْأُنْثَى﴾، والتنقيب عن أسباب التمايز بين الرجل والمرأة في الميراث والشهادة والدية والعمل والتعليم والحجاب... وغير ذلك، هي مجرد سفسطة فكرية لا جدوى منها. فالإسلام ينظر إلى الرجل والمرأة دون تفريق بينهما من حيث هما إنسان، خُلق منه نوعان الذكر والأنثى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾. فالمرأة ليست أقل أو أكثر من الرجل، بل هما متساويان في التكليف وفي الثواب والعقاب، ﴿فاستجابَ لهُمْ ربُّهم أنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عاملٍ منكم من ذَكَرٍ أو أُنْثَى بعضُكم من بَعْضٍ﴾. وقد وضع الإسلام لكل من المرأة والرجل دورا ومسؤولية، وكل يسعى لأن يؤدي دوره هذا على أكمل وجه ابتغاء مرضاة الله عز وجل. قال تعالى: ﴿وَلَيْسَ الذََّكَرُ كَالْأُنْثَى﴾، وقال أيضا: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ ليُخرس بذلك كلَّ الألسن المطالبة بالمساواة حسب المعايير البشرية ذكرا كان أم أنثى. وحقوق المرأة هي ما منحها إياها الله عز وجل، فلم تطالب ولم تصارع من أجل حق لها. فهناك أحكام خص الله بها المرأة وهناك أحكام خص الله بها الرجل لعلة لم يذكرها الله عز وجل ولكن قطعا ليس لنقصان عقل المرأة، بمعنى عجز لديها؛ فلو كان هذا حال المرأة فكيف أمرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن نأخذ ديننا من السيدة عائشة رضي الله عنها؟


لقد فهمت المرأة في صدر الإسلام هدفها ودورها في الحياة؛ فكانت تسعى لمنافسة الرجل في رضا الله عز وجل للفوز بالجنة، ولم تكن تفكر في أي شيء سوى أن لا يفوتها أجر أو تُحرَم من فرصة لنيل الثواب من الله. فالمنافسة ليست على الرفعة والمكانة الأدبية، حاشا لله، فهؤلاء قوم تركوا الغالي والنفيس من أجل الله ورسوله، هاجر منهم من هاجر تاركا جاهاً ومالاً واستقبلهم إخوانهم ليشاركوهم في ما لديهم قل أم كثر وتبقى العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.


لم تتحدث المرأة في صدر الإسلام عن نظرة الإسلام لها أو ظنت أن الرجل مفضل عليها، لأن الإسلام أكرمها وشرفها، فلما ابتعدت عن الإسلام ولم تجد أحكامه مطبقة كاملة سادت مفاهيم مغلوطة كثيرة.. نسأل الله أن تعود أحكام الإسلام للتطبيق في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ لتقضي على كل ما يناقض الشرع..

 


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع