- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمات المؤتمر النسائي العالمي الذي عقد في تونس بعنوان:
"الأسرة: التحدّيات والمعالجات الإسلامية"
يوم السبت 18 صفر 1440هـ الموافق م2018/10/27
الكلمة السابعة
إندونيسيا
إصلاح مفهوم الأمومة: أهمية الدور الأساسي للمرأة كزوجة وأمّ
(مترجمة)
أخواتي العزيزات،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يسرني أن أكون بينكن اليوم في هذا التجمع المبارك؛ تجمع يرتبط بأقوى رابطة؛ العقيدة الإسلامية، العقيدة التي جمعتنا من القارات والمحيطات. الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات... وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين...
أخواتي العزيزات، قال الله سبحانه وتعالى في سورة الفرقان: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَب لَـنَا مِن اَزوَاجِنَا وَذُرِّيّٰتِنَا قُرَّةَ اَعيُنٍ وَّاجعَلنَا لِلمُتَّقِينَ اِمَامًا﴾.
هذه الآية أخواتي، تعلمنا كيف نكون مثالاً يحتذى به كوننا نساءً مسلمات.
وأركز بالتحديد على ﴿وَٱجعَلنَا لِلمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾، فحتى نكون أئمة للمتقين، شرح تفسير هذه الآية ابن عباس، الحسن، السدي، قتادة وربيع بن أنس: "القادة الذين يحتذى بهم كأمثلة على الخير". وقال آخرون: "الدعاة الذين يدعون الآخرين إلى الخير". أرادوا أن تكون عبادتهم مرتبطةً بعبادة أبنائهم وذريتهم، ودعوتهم للتفكير في غيرهم وإفادة الآخرين.
أيتها الأخوات، هذا الجيل من القادة لا يمكن أن يأتي إلا إذا كنا نحن النساء المسلمات نتبنى هذه الرؤية القرآنية، ومن ثم نعمل على تحسين دورنا كأمهات تقيات.
ومع ذلك، أيتها الأخوات، إن هذه الحياة العصرية جعلت هذه الرؤية القرآنية صعبة التحقيق للغاية، لأن حياة اليوم تتشكل وتهيمن عليها القيم الغربية التي تقدس العلمانية وتجعل الرأسمالية محركها، بحيث إن معنى النجاح في الحياة لا يكون إلا من خلال تحقيق المتعة المادية، والربح والفوائد. لقد أصبحت صورة الشخصية الناجحة للمرأة هي المرأة الناجحة في مهنتها، والمستقلة من الناحية المالية والمهنية. واليوم، يترجم أعلى دور للمرأة إلى لغة الاقتصاد فقط؛ أي كيفية إنتاج المواد والأرباح للشركات الرأسمالية وزيادة الإيرادات والضرائب للحكومات. لأن الدول الرأسمالية يهيمن عندها السعي وراء الربح والثروة على جميع القيم الأخرى في الحياة. ومن ثم فإنها تقدم المادية والمكاسب النقدية على الأمومة ورفاهية الأطفال والعائلات. ضغطت الرأسمالية على النساء لدخول سوق العمل والتنازل أو حتى التخلي عن دورهن الحيوي كأمهات وربات بيوت؛ إما بسبب فقر جماعي تسببت به سياساتها وقوانينها الاقتصادية المعيبة، أو باستغلال لغة النسوية مثل "تمكين المرأة" فضلاً عن تشجيع الكذب الذي يدعي بأن الوضع الأحسن والحياة الاقتصادية الأفضل سيأتيان مع زيادة توظيف النساء.
وبالفعل، عملت الرأسمالية والنسوية جنباً إلى جنب للتخلص بشكل منهجي من أهمية الأمومة وإزاحة المرأة عن القيام بهذا الدور الحيوي.
هذا هو السبب وراء سحق المثل القرآنية العليا للمرأة المسلمة في ظل هذه القيم العلمانية. لم تعد الكثير من النساء المسلمات تركزن على تربية الأطفال وتكوين العائلة؛ وبدلاً من ذلك، أصبحن أشخاصًا فرديين يبحثن عن أهداف مادية بينما تجاهلن أيضًا معاناة الآخرين. ومن هنا، فإن الرأسمالية تفترس رؤيتنا الإسلامية النبيلة للأمومة كنساء مسلمات، وتقزم المثل العليا لدينا وتضيق رؤية الفتيات المسلمات للحصول على وظيفة فقط، وكذلك تقزم أمل الآباء بشأن مستقبل أطفالهم.
تشويش كبير واضطرابات في الأمومة
أخواتي العزيزات المتميزات،
يمكن التلاعب بسهولة بالأفكار النسوية المعيبة وبالمساواة بين الجنسين بواسطة جشع الرأسمالية. على الرغم من أن الحركة النسوية لها جذور ماركسية معادية للرأسمالية، إلا أنها اليوم تتعايش مع القوة الفاسدة للرأسمالية. وينظر إلى هذا من مصطلح حديث يسمى "الرأسمالية بين الجنسين" أو النسوية. مصطلح يشير إلى وجود رابطة عالمية بين نموذج المساواة بين الجنسين والحركة الجديدة للاستثمار العالمي من تحالف البلدان الرأسمالية والمؤسسات المالية والمنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة التي ركزت على الاستثمار في النساء والفتيات على مدى العقد الماضي. فقد قال رئيس البنك الدولي، جيم يونغ كيم، في عام 2012، إن أكثر من 80 في المائة من القروض والمنح المقدمة من البنك، أو ما مجموعه أكثر من 28 مليار دولار أمريكي، تم تخصيصها للمشاريع المتعلقة بالمساواة بين الجنسين. لا عجب في ذلك لأنه منذ عام 2006 اعترف البنك الدولي أن تمكين المرأة هو "اقتصاد ذكي".
إن دافعهم ليس إلا من أجل النمو الاقتصادي وسط الأزمة المالية العالمية التي تقيد الدول الرأسمالية وأنظمتها المالية، كما قال أدريان روبرتس، الباحث من جامعة مانشستر في بريطانيا، الذي علق بأن الحركة التجارية النسوية العالمية (Transnational Business Feminism) تتجه إلى الدوران مع عمود الأزمة المالية العالمية في عام 2008. وقد ذكرت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، في وقت سابق: "... إن الحد من إمكانات المرأة الاقتصادية بالنسبة لأي بلد كترك المال على الطاولة. لا معنى لذلك، خاصة عندما نكافح من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية".
تكشف كلمات كلينتون بوضوح الدافع الحقيقي للدول الرأسمالية التي لديها القدرة للتضحية بنسائها لأنها تنظر إليهن على أنهن مجرد عاملات ومحركات للنمو الاقتصادي، وليس كأمهات لأجيال المستقبل وشرف لحمايتهن.
إن الرأسمالية تعمد على إذلال الأمهات بأن يكن مجرد عاملات، حتى إنهن عاملات منخفضات المستوى. ووفقاً لتقرير منظمة العمل الدولية لعام 2013 العالمي، تم توظيف 43 مليون امرأة كقائمات على رعاية البيوت، وطباخات، وخادمات منازل، وخادمات على مستوى العالم.
وقد عكست الزيادة الكبيرة التي تصل إلى 19 مليون شخص يعملون كخدم في المنازل على مدى السنوات الثمانية عشر الماضية. أجبر الفقر ونقص الموارد الملايين من النساء في البلاد على ترك منازلهن وأطفالهن لتدبير أمورهن. إنه التطبيق العالمي للرأسمالية مع نموذجها المالي القائم على الفائدة ونظام السوق الحر بمبدئه الليبرالي "دعه يعمل دعه يمر" الذي جعل الثروة تتركز في أيدي القلة، وبالتالي انتشر الفقر المدقع عبر دول العالم الإسلامي ودول العالم الثالث. وقد أدى هذا في وقت لاحق إلى التجمع النسوي وهجرة عاملات المنازل، مما يعرضهن للاستغلال.
وقد أدت هذه الاضطرابات في الأمومة إلى توليد جيل عدواني هش ومضطرب، وهو ثمن باهظ تدفعه الأمة التي توظف الأمهات كمحركات للنمو الاقتصادي. أصدرت اللجنة الإندونيسية لحماية الطفل (2016) بيانات عن ملايين الأطفال الذين تركتهم أمهاتهم بسبب العمل في الخارج. يوجد 11.2 مليون طفل إندونيسي محرومون من الرعاية الأبوية والمودة من أمهاتهم بسبب هجرتهم إلى الخارج للعمل، في حين تشير بيانات اليونيسف (2008) إلى أن حوالي 6 مليون طفل في الفلبين قد تم التخلي عنهم منذ أن أصبحت أمهاتهم من فئة العاملات المهاجرات. ويحدث هذا أيضاً في الصين، حيث يترك 61 مليون طفل دون سن 17 عاماً في المناطق الريفية بينما يهاجر أحد الوالدين أو كلاهما للعمل. يعاني هؤلاء الأطفال المتروكون في الصين من العديد من المشاكل مثل الاتجار بالأطفال والعنف الجنسي والانتحار والجريمة والأمراض الاجتماعية الأخرى، هذا ما قام البروفيسور لي يي فاي (2015)، وهو أستاذ من جامعة بكين، باكتشافه ودراسته.
في الواقع كانت الدول الرأسمالية الغربية تعاني من هذه الأزمات الاجتماعية قبل دول شرق آسيا بفترة طويلة، ومنهم يمكننا أن نتعلم أن "موت مفهوم العائلة" ليس مدفوعاً فقط بالليبرالية الاقتصادية وبنسويتها، بل أيضاً من خلال الليبرالية الاجتماعية، بقيمها الفردية الأنانية مثل التمتع بحريات الحياة الفردية بدلاً من الالتزام بالزواج والأطفال، مما تسبب في وباء صحي واسع بالإضافة إلى إلحاق الأذى بالأمومة. هذه الظروف قد دمرت حياة الأسرة جذرياً وأسفرت عن فقر ديموغرافي في هيكلية المجتمع في مختلف البلدان الأوروبية وأمريكا. ففي كانون الثاني/يناير 2018، عينت بريطانيا وزيراً مختصاً لأمور الوحدة والعزلة للتعامل مع ما وصفته رئيسة الوزراء تيريزا ماي "بالواقع المحزن للحياة العصرية" للعديد من الأشخاص، حيث إن أكثر من 9 ملايين شخص يشعرون بالوحدة وحوالي 200.000 شخص مسن في البلاد لم يتحدث مع صديق أو قريب منذ أكثر من شهر. هذا نتيجة تغير هيكل الأسرة في هذه الدول الليبرالية الرأسمالية.
كما أن الأثر الحقيقي للحضارات العلمانية الرأسمالية هو إحداث اضطرابات وتشويش على الأمومة التي أدت إلى "موت الآلاف من الوحدات العائلية" على مستوى العالم. هذه صورة مظلمة جداً للحضارة الإنسانية في أيامنا هذه، بعيدة كل البعد عن نور الإسلام وتوجيهه. يذكرنا هذا بقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.
تصور واجبات أمومتنا
أيتها الأخوات العزيزات،
لدينا الكثير من الأحلام، لكن هل حلمنا يوماً بكيفية التفوق في دورنا الأساسي والتزاماتنا الرئيسية كنساء وأمهات وزوجات؟ هل حلمنا يوماً بالدور الذي لعبناه في خلق جيل المستقبل البارز والرائد لهذه الأمة؟ يصبح معظمنا أمهات بدون إعداد كامل، فقط نتعلم أثناء أدائنا للعمل، دون معرفة كافية. هذا سبب يدفعنا إلى تحسين أفكارنا الأمومية في عائلتنا وكذلك في مجتمعنا، المثالية التي هي الرؤية القرآنية المستنيرة لإنشاء إمام المتقين (قائد أولئك الذين لديهم تقوى).
في الواقع، فإننا نعلم المكانة المشرفة والمحترمة التي لا مثيل لها والتي يقدمها الإسلام للأم. فقد ذكر ذلك في أحد الأحاديث... جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ e، فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ:«أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ»
عبد الله بن عباس رضي الله عنه، صاحب النبي e وعالم إسلامي كبير، قال ذات مرة: "إني لا أعلم عملاً أقرب إلى الله عز وجل من بِرِّ الوالدة". فثواب بر الأم عظيم في الآخرة. قال الرسول e: «إِنَّ لِلْمَرْأَةِ فِي حَمْلِهَا إِلَى وَضْعِهَا إِلَى فِصَالِهَا مِنَ الأَجْرِ كَالْمُرَابِطِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنْ هَلَكَتْ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَلَهَا أَجْرُ شَهِيدٍ».
وبينما يوضح الإسلام هذه الأهمية الحيوية لدور الأمومة عند النساء، نحتاج إلى فهم كامل للأحكام الإسلامية في هذا الشأن. جاء الإسلام بأحكام مختلفة، بعضها خاص بالرجال وبعضها خاص بالنساء. وقد فرق بين الرجال والنساء فيما يتعلق ببعض هذه الأحكام وأمرهم بقبول ما خصصه الله لهم خصيصاً. حديث الرسول e يبين بوضوح مواصفات المسؤوليات العائلية للزوج والزوجة. حيث قال: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا...».
وبالتالي فإن الشريعة جعلت المرأة أماً وربة منزل (مسؤولة عن الحياة المنزلية ورعاية الأطفال). هذا هو السبب في أن الإسلام جاء إلينا بأحكام متعلقة بالحمل والولادة والرضاعة والحضانة وفترة العدة. لم تمنح الرجال أي دور في ذلك لأن هذه الأحكام تتعلق بنا بصفتنا نساء. وهكذا وضع الإسلام على المرأة مسؤولية الطفل من حيث الحمل والولادة والرضاعة والحضانة.
لذلك، هذه هي أعمالنا المهمة ومسؤولياتنا الكبرى كنساء. ومن هنا، يمكن القول إن الدور الأساسي للمرأة هو أن تكون أماً وربة بيت لأنه من خلال هذا العمل، يستمر الجنس البشري، ولأننا متميزون بهذا عن الرجال. ولهذا نجد أيضاً أن الشريعة سمحت لنا بالإفطار في رمضان إذا كنا في حالة حمل أو رضاعة وأثّر الصوم على صحتنا وحياتنا. كما أن الشريعة أعفتنا من الصلاة إذا كنا حيض أو في حالة نفاس، ومنعت الرجل من السفر مع طفله من البلد الذي تقيم فيه الأم، طالما أن الأم لا تزال تحتفظ بحضانة الطفل. كل هذا لتسهيل إكمال دورنا الأساسي، الذي هو دور الأم وربة المنزل. كما ألزمت الشريعة الرجل أو الدولة بتوفير المال للمرأة حتى لا تضطر إلى أن تكون المعيلة لأسرتها، مما يمكنها من تركيز وقتها واهتمامها بفعالية على رعاية أطفالها وتربيتهم.
لذلك ينظر الإسلام إلى مكانة الأم والزوجة كدور حيوي في المجتمع يجب الوفاء به بشكل صحيح وحمايته ودعمه دائماً.
أخواتي العزيزات، كمطيعات لله سبحانه وتعالى، نحن بحاجة إلى التمسك بهذه المسؤولية الكبيرة، وتجهيز حياتنا لنصبح أفضل أمهات لأطفالنا. هذه النظرة الإسلامية نحو الأمومة يجب أن تشكل أولوياتنا في الحياة وكيفية تنظيم حياتنا. يجب أن نفهم على سبيل المثال، أنه مهما كانت الإجراءات التي نواجهها والمسؤوليات التي تقع علينا، ينبغي أن نستمر في مسؤوليتنا الأساسية بوصفنا ربات بيوت وراعيات لأطفالنا. لا ينبغي لنا أن نعتبر هذا الدور كدور ثانوي أو أقل أهمية من الطموحات الأخرى في هذه الدنيا؛ فبدلاً من ذلك يجب أن نطمح للزواج والأمومة وأن نعتبرهم محوراً أساسياً في حياتنا. إن وظائفنا، ومصالحنا الفردية، لا ينبغي لها أن تجعلنا نتنازل عن هذا الواجب الحيوي أو نتجاهله - لأننا كنساء مسلمات، لا نقوم بتقييم نجاحنا على أساس النموذج الرأسمالي لتراكم الثروة أو الوضع المادي أو التقدم في الحياة الوظيفية، بل من خلال تحقيق جميع واجباتنا الإسلامية بأفضل ما نستطيع، بما في ذلك كوننا أفضل أم وزوجة. هذه النقاط ذات الأهمية الكبرى يجب أن تُفهم بوضوح أيضًا في مجتمعاتنا المحلية، وبيئة العمل والدولة.
أيتها الأخوات العزيزات، على الرغم من أن الدور الأساسي للمرأة هو أن تكون أمًا وزوجة، فإنها لا تحتجز في هذا الدور أو تمنع من ممارسة أنشطة أخرى، لأننا نعلم أن الإسلام يضمن أيضًا حصول المرأة على حقوق سياسية وتعليمية واقتصادية مثل الحق في العمل، والحصول على وظيفة، وصياغة العقود، واستثمار ثروتها، والقيام ببقية المعاملات المجتمعية. بل إنه وسيلة للرجل والمرأة أن يعيشا في جو من الهدوء مع بعضهما البعض في الزواج، وبالتالي يمكن أن يكون لديهما أطفال يتم تربيتهم بطريقة فعالة لإيجاد جيل قوي ومستقبلي قوي. وبالفعل، فإن الإسلام كنظام قيم يضمن للمرأة القدرة على تحقيق نجاحها الشخصي وكذلك نجاح مجتمعها في الوقت نفسه! يمنح الإسلام عدسة فريدة وقيمة من نوعها فيما يتعلق بكون المرأة مسلمة حقيقية، وكيف يرتبط النجاح الحقيقي للمرأة بنجاح الأجيال القادمة والمجتمع. إن المسلمة الحقيقية هي التي تطمح حقاً لأسرتها وأبنائها بالإضافة إلى الحياة العامة النشطة والإسهام بشكل إيجابي في رفاهية مجتمعها وتقدمه. هي التي تدرك تمامًا كل أولوياتها التي حددها الإسلام - سواء أكانت واجبات خاصة أم عامة. هي التي تفهم أنها ملزمة بطلب المعرفة بدينها لتقوم بدورها تجاه ربها، وكذلك رعاية أطفالها بالقيم الإسلامية في البيت. هي التي يتم تشجيعها للتفوق في التعليم لإفادة نفسها ومجتمعها وإنشاء أفضل رعاية لأبنائها في البيت؛ هي التي تدرك أنها ملزمة بأن تكون ناشطةً سياسيةً، وأن تقف ضد الظلم والفساد وتحاسب الحكام. هي التي أمرت بحمل الدعوة، وتعليم أطفالها أهمية الاهتمام بمحنة الأمة وإعدادهم كحملة دعوة مستقبليين ومجاهدين في سبيل الله. إن الأمهات، اللواتي يتمتعن بالذكاء والإخلاص والوعي بمهامهن الأساسية، سوف ينتجن أجيالاً جديدة من المسلمين ذوي شخصيات إسلامية، حيث سيكونون طليعة للإسلام ورعايا صالحين ومنتجين في دولتهم، حيث سيحسنون أوضاع الأمة الإسلامية ومصالحهم ومجتمعهم.
ويرجع كل هذا إلى النظرة الإسلامية الفريدة لأهمية الأمومة والحاجة إلى تحسين دور المرأة كحارسة للحضارة ومربية الأجيال القادمة، وليس كقوة عاملة وأداة لتوليد الثروة للشركات والدول. في كتاب مقدمة الدستور لحزب التحرير، في القسم المتعلق بالنظام الاجتماعي في الإسلام، ينص على أن "الدور الرئيسي للمرأة في الإسلام هو أن تكون أماً لأطفالها، وربةً لمنزل زوجها. إنها عرض يجب حمايته وصيانته".
يحتاج العالم إلى رؤية سياسية جديدة لتمكين المرأة، وهي رؤية قادرة على تعزيز النساء من أجل التزام قوي ببناء جيل ذهبي. يحتفظ الإسلام في الواقع بهذه العلاقة السامية والإنسانية والحيوية بين دور الأمومة للمرأة ونوعية جيل المستقبل من خلال ضمان أن تظل جودة الأمومة مرتفعة وفعالة في المجتمع. علاوة على ذلك، يشجع الإسلام الأسر على إنجاب العديد من الأطفال، مما يضمن وجود دولة شابة ذات ديناميكية عالية. العديد من النصوص الإسلامية أعطت الأهمية والأجر الكبير للزواج وإنجاب العديد من الأطفال كما قال النبي e: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ».
ومع ذلك، فإن ديننا يضمن أيضاً ولادة مستمرة لأفضل نوعية من الأجيال من خلال دعم النظم التعليمية والاجتماعية والاقتصادية للحضارة الإسلامية.
أخواتي العزيزات، هذه الرؤية الإسلامية العظيمة للأمومة تضمن خلق جيل مستقبلي مثمر مغروس فيه صفات القيادة والتقوى. وفي الوقت نفسه، سوف تمنع أزمة انخفاض عدد السكان التي تؤثر على العديد من البلدان اليوم. لذا، من الضروري أن نستعيد مفهوم الأمومة بوصفنا نساءً مسلمات ومجتمعات مسلمة، وتبني هذه النظرة المهمة لمكانة المرأة ومسؤولياتها الأساسية في الحياة. وهذا يعني أيضاً بناء هذا الفهم بشكل قوي في بناتنا وأخواتنا ومجتمعاتنا، بحيث ينظر إلى الزوجة والأم مرةً أخرى على أنها شرف، تحظى باحترام وتقدير داخل مجتمعاتنا. ومع ذلك، يتطلب هذا أيضًا نظامًا يسهل هذه الرؤية الإسلامية ويدعمها بدلاً من العمل ضدها. إن الخلافة على منهاج النبوة ستطبق الإسلام بشكل شامل وستعيد المكانة العظيمة التي تستحقها الأمومة داخل أراضينا، وأيضاً ستضمن عودة الرؤية القرآنية لجيل يعتبر إماماً للمتقين، وقائداً لمن لديهم التقوى، إن شاء الله!
فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
-----
لزيارة صفحة المؤتمر اضغط هنا