- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحزبية من منظور شرعي
سألني سائل: أريد توضيحا مختصرا عن الحزبية، ما هي آراء الجماعات، وما موقف الشرع منها؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا وقائدنا محمد وعلى آل محمد، وبعد،
1- تعريف الحزبية في الإسلام:
الحزب في اللغة: يشير إلى الجماعة أو الفريق الذي يجمع أفراداً على رؤية أو هدف مشترك.
وفي الشرع: الحزبية قد تكون مدحاً أو ذماً بناءً على الغاية والمنهج. فـ"حزب الله" هو مدح لأولئك الذين يتبعون الله ورسوله ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، بينما "حزب الشيطان" هو ذم لأولئك الذين يتبعون الباطل ويحاربون دين الله.
الدليل قوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾.
الفرق بين الحزبية الإيجابية والسلبية:
- الإيجابية: هي العمل الجماعي لتحقيق أهداف شرعية مثل الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الدولة الإسلامية.
- السلبية: هي الانقسامات التي تؤدي إلى التفرقة بين المسلمين، أو العمل على تحقيق أهداف غير شرعية مثل الطائفية أو القومية.
2- الأدلة الشرعية على وجوب العمل الجماعي (الحزبي)
- الآيات القرآنية:
قوله تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، هذه الآية تدل على وجوب وجود جماعة من المسلمين تدعو إلى الخير (الإسلام) وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
قوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا﴾، تدعو إلى الوحدة وعدم التفرق.
- الأحاديث النبوية:
قول النبي ﷺ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» (رواه البخاري ومسلم)، يدل على أهمية التعاون والتكاتف بين المسلمين.
قوله ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَاباً مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ لَتَدْعُنَّهُ فَلَا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ» رواه الترمذي، يؤكد على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كواجب جماعي.
3- دور الأحزاب في الإسلام:
- إقامة الدولة الإسلامية: لا يمكن تطبيق الإسلام بشكل كامل دون وجود دولة إسلامية تقوم على تطبيق الشريعة. وبالتالي، فإن العمل الجماعي (الحزبي) لإعادة الخلافة هو واجب شرعي.
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الأحزاب الإسلامية تعمل على محاسبة الحكام وإصلاح المجتمعات، وهو دور أساسي في الإسلام.
- التغيير الفكري والسياسي: الأحزاب الإسلامية تسعى إلى تغيير الأفكار والمفاهيم الخاطئة التي تسيطر على المجتمعات المسلمة، مثل العلمانية والديمقراطية.
4- المواقف المختلفة تجاه الحزبية
أ- موقف حزب التحرير:
- يعتبر حزب التحرير أن العمل الحزبي ضرورة شرعية لتحقيق أهداف الإسلام، مثل إعادة الخلافة.
- يتميز بالالتزام بطريقة الرسول ﷺ في الدعوة، ويتبنى مشروعاً سياسياً شاملاً مستمداً من الشريعة.
- ينبذ الطائفية والقومية، ويدعو إلى وحدة الأمة تحت راية الإسلام.
ب- موقف الأحزاب الأخرى:
1- الأحزاب العلمانية:
- تحارب فكرة الخلافة وتعمل على ترسيخ العلمانية.
- تعتبر العمل الحزبي الإسلامي خطراً على مصالحها.
2- الأحزاب الإسلامية المعتدلة:
- تحاول تقديم الإسلام بشكل يتوافق مع الثقافة الغربية.
- تشوه مفهوم الخلافة وتقدم حلولاً تدريجية مثل الديمقراطية.
3- الأحزاب الطائفية:
- تعمل على تمزيق الأمة وزعزعة استقرارها.
- تستخدم الدين كغطاء لتحقيق أهداف سياسية ضيقة.
5- الخلاصة:
- العمل الحزبي في الإسلام هو واجب شرعي إذا كان يهدف إلى تحقيق أهداف شرعية مثل الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الدولة الإسلامية.
- الحزبية السلبية التي تؤدي إلى التفرقة أو الانحياز إلى مصالح غير شرعية هي مرفوضة شرعاً.
- حزب التحرير يمثل نموذجاً للحزب الإسلامي الذي يعمل وفقاً للشرع، بينما الأحزاب الأخرى إما أنها تعمل ضد الإسلام أو تحرف مفاهيمه.
ختاما فإن الحزبية في الإسلام ليست مرفوضة بحد ذاتها، بل يعتمد الحكم عليها على الغاية والمنهج. فإذا كانت الحزبية تهدف إلى تحقيق أهداف شرعية مثل إقامة الخلافة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهي واجبة شرعاً. أما إذا كانت تؤدي إلى التفرقة أو الانحياز إلى أفكار غير شرعية، فهي مرفوضة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو بكر الجبلي – ولاية اليمن