الجمعة، 22 شعبان 1446هـ| 2025/02/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

دول الغرب تثير مسألة العرقيات الصغيرة في بلاد المسلمين للهيمنة عليها

 

 

 

تقاطرت وفود الدول الغربية على الإدارة السورية الجديدة، بعد سقوط الأسد، تقوم بالإملاءات، وفرض وجهة نظر الغرب السياسية، المتمثلة في علمانية الدولة، وحقوق المرأة، وحقوق العرقيات الصغيرة، وعدم الاعتداء على كيان يهود وحفظ أمنه.

 

ففي 10/12/2024 اشترط وزير خارجية أمريكا السابق أنتوني بلينكن، الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة التزامها بأربعة مبادئ رئيسية، وقال في بيان: "يجب أن تؤدي عملية الانتقال هذه إلى حكم موثوق، وشامل، وغير طائفي، يفي بالمعايير الدولية للشفافية والمساءلة، بما يتفق مع مبادئ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254 إضافة إلى احترام حقوق الأقليات بشكل كامل، ومنع استخدام سوريا قاعدة للإرهاب، وتهديد جيرانها، وضمان تأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية، أو البيولوجية وتدمير ها بأمان".

 

وفي 3/1/2025 كانت زيارة مشتركة لوزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، ونظيرها الفرنسي جان نويل بارو لدمشق، وبعد اللقاء قالت بيربوك، إنها "أبلغت قائد الإدارة الجديدة في سوريا أن أوروبا لن تقدم أموالا للهياكل الإسلامية الجديدة"، وأضافت أنه "يجب إشراك كل الطوائف في عملية إعادة الإعمار"، مؤكدة الحاجة إلى ضمانات أمنية موثوقة للأكراد، وأن رفع العقوبات يعتمد على المضي قدما في العملية السياسية، وطالبت "بتجنب أي محاولة لأسلمة نظام القضاء أو التعليم".

 

فهل إثارة تلك الوفود هذه المواضيع وغيرها لأنها حريصة عليهم وعلى مصالحهم، وعلى استقرارهم، أم هي حجة فارغة يراد بها التدخل السافر في بلاد المسلمين، واستخدامه لزعزعة استقرار الأكثرية والأقلية معا؟

 

قال كليمنصو، رئيس وزراء فرنسا الأسبق، في مذكراته: "كان أصدقاؤنا الإنجليز أسبق منا في التنبه إلى موضوع الأقليات المذهبية، والعرقية، في بلاد المشرق العربي، وقد اتفقت وجهتا نظرنا كليا حول هذا الموضوع".

 

وقال ناحوم جولدمان، رئيس الرابطة اليهودية العالمية، في خطابه بباريس في مؤتمر يهود المثقفين عام 1968م: "إذا أردنا لـ(إسرائيل) البقاء والاستقرار في الشرق الأوسط، فعلينا أن نفسخ الشعوب المحيطة بها إلى أقليات متنافرة، تلعب (إسرائيل) من خلالها دورا طليعيا، وذلك بتشجيع قيام دويلة علوية في سوريا، ودويلة مارونية في لبنان، ودولة كردية في شمال العراق".

 

فإذا عدنا إلى التاريخ قليلا، أي قبل هدم الخلافة العثمانية، سنجد أن الدول الغربية استخدمت ورقة صنع العرقيات الصغيرة، وادعاء الدفاع عن حقوقها، ونصرتها، لتحقيق مصالحهم الاستعمارية.

 

جاء في كتاب "صحوة الرجل المريض"، ملخص اللعب بورقة العرقيات الصغيرة حيث ورد فيه: "وعمدت السياسة الأوروبية إلى ترسيخ قدمها في المنطقة عن طريق غرس بذور الخلاف بين الطوائف، مستعينة بالإرساليات الدينية والتعليمية".

 

وبعد هدم الخلافة، وتقسيمها إلى دويلات هزيلة، على أسس قومية أو طائفية، استمرت الدول الاستعمارية الغربية في اللعب على هذه المسألة، فأثارت موضوع أهل الجنوب في السودان، للعمل على فصل جنوب السودان، فأقامت دويلة ذات صبغة نصرانية فيه، وأثارت النعرات العرقية، والهوية، ودعمت الانفصاليين في دارفور، وجنوب كردفان وغيرهما، وهي التي أوجدت مشكلة الأكراد في شمال العراق وتركيا وإيران وسوريا!

 

إذاً يستخدم الغرب هذه الورقة للتدخل والهيمنة والتقسيم والتفتيت ولا تهمه إلا مصالحه الاستعمارية التي يحققها عبر شلالات من الدماء، وأشلاء الشعوب، وسحق عظامهم، وعلى جثثهم.

 

ففي تقرير للجنة (بيكة) التي شكلها الكونجرس عام 1975م، قرر أنه: "لقد كانت سياستنا غير أخلاقية تجاه الأكراد، فلا نحن ساعدناهم ولا نحن تركناهم يحلون مشاكلهم، بالمفاوضات مع الحكومة العراقية، ولقد حرضناهم ثم تخلينا عنهم"!

 

ويصف وليم سافير، هذه الحالة في مقال عام 2004م بقوله: "تخلينا عن الأكراد للشاه في عقد السبعينات، بعد أن وضع الملا مصطفى البرزاني ثقته في الولايات المتحدة خذلنا الأكراد مرة أخرى، عقب حرب الخليج الثانية عام 1991م، عندما انتفضت قواتهم إثر تحريضنا لها، لكنها تعرضت لضربات كبيرة بواسطة المروحيات القاذفة للقنابل، التي استخدمها جيش النظام العراقي السابق، لإخماد التمرد الكردي ضده، رغم كل ذلك قاتل الأكراد نظام صدام حسين إلى جانبنا على مدى ما يزيد على عشر سنوات".

 

نعم هذا هو واقع السياسة الغربية في بلاد المسلمين، يستخدم حجة العرقيات الصغيرة، التي هي نتيجة فرض الغرب أنظمته في بلاد المسلمين، وكذلك فرضه الحكام، وتسليطهم على شعوبهم، يسومونهم الذل الهوان، ويأتي عندما تقتضي مصلحته في صورة المخلّص للمضطهدين والمظلومين!

 

قامت لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية السودان قبل ثلاث سنوات، بالاتصال بأحد قيادات منظمة (الوحدة بين الشمال والجنوب)، السيد أتيم أقوى، وهو رئيس المنظمة، فاندهش عندما أطلعته اللجنة على حجم العمل الذي قام به حزب التحرير في منع انفصال الجنوب، وكشف مؤامرات الدول الغربية في ذلك، فقال "نحن نسعى لإعادة توحيد الجنوب مع الشمال"، وقال: "إن الدول الغربية خدعتنا عندما دفعتنا للانفصال بحجة ظلم الشمال، فكانت النتيجة اندلاع حرب بين مكونات دولة الجنوب نفسها، وأصبحنا دولة فاشلة، فنزح معظم سكان دولة الجنوب إلى شمال السودان... الخواجات خدعونا وكذبوا علينا ولم ينجدونا وينتشلونا من حالة عدم الاستقرار".

 

إذاً، فإن حل مسألة العرقيات الصغيرة في بلاد المسلمين، هو في تطبيق نظام الإسلام في ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ويتجلى ذلك في جانبين:

 

الأول: الحكم ورعاية الشؤون.

 

الثاني: تطبيق أحكام الإسلام والقوانين الشرعية.

 

أما جانب الحكم ورعاية الشؤون، فإنه لا يجوز للدولة أن تفرق بين رعاياها، بل يجب عليها أن تعاملهم جميعهم معاملة واحدة، دون أي تمييز بسبب عرق، أو لون، أو جنس، أو دين. جاء في المادتين الخامسة والسادسة من مشروع الدستور، المستنبط من كتاب الله سبحانه وسنة رسوله ﷺ، وإجماع الصحابة، والقياس الشرعي، الذي يقدمه حزب التحرير للأمة، ليكون دستورا لدولة الخلافة ما يلي:

 

"المادة الخامسة: جميع الذين يحملون التابعية الإسلامية يتمتعون بالحقوق ويلتزمون بالواجبات الشرعية".

 

"المادة السادسة: لا يجوز للدولة أن يكون لديها أي تمييز بين أفراد الرعية في ناحية الحكم، أو القضاء، أو رعاية الشؤون، أو ما شاكل ذلك، بل يجب أن تنظر للجميع نظرة واحدة بغض النظر عن العنصر، أو الدين، أو اللون، أو غير ذلك".

 

فالنصوص الشرعية تدل على رعاية حق الأقليات بالعدل الإنصاف. قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً﴾. وقال رسول الله ﷺ: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِداً أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئاً بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

 

إن الخلافة القادمة قريباً بإذن الله ستقيم العدل والإنصاف بين جميع أفراد الرعية، بمختلف تنوعها، وهي القادرة على حل جميع المشاكل بأحكام الإسلام، بل ستختفي مصطلحات (أقلية وأكثرية)، وغيرها من المصطلحات التي أوجدتها الدول الغربية لتوجد الأزمات والمشاكل وعدم الاستقرار في البلاد الإسلامية، وغيرها من بلدان العالم.

 

فهيا يا أمة الإسلام، إلى عز الدنيا والآخرة، بإقامة صرح الإسلام العظيم، والالتفاف حول مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وإعطاء النصرة لحزب التحرير من أهل القوة والمنعة، ليصل الإسلام إلى سدة الحكم.

 

عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَلَ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ، وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ».

 

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الله حسين (أبو محمد الفاتح)

منسق لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية السودان

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع