- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
وحدة الأمة مسألة مصيرية
إن الحديث عن الإسلام يعني الحديث عن نظام وحدة بالضرورة، فالإسلام لم يجعل مسألة وحدة المسلمين مسألة اختيارية ترجع إلى الظروف والزمان والمكان، بل أوجبها على الأمة وعلى الحكام وجعلها شكل نظام الحكم الإسلامي الوحيد. فنظام الحكم في الإسلام هو نظام وحدة، ولذلك غلظ الإسلام عقوبة من يحاول تفريق الأمة أو تقسيمها.
فقول رسول الله ﷺ: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا»، أباح دم المسلم الذي يفرق الأمة من خلال تنصيبه خليفة ثانيا للأمة تنقسم به الأمة بينه وبين الأول. ومثله حديث: «إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِناً مَنْ كَانَ»، الذي جعل عقوبة ضرب العنق لمن يريد أن يفرق الأمة ولم يرتدع إلا بالسيف. ومثله حديث: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ» وهو أيضا شديد الوضوح في وجوب التصدي لكل محاولة من شأنها تفريق جماعة المسلمين أو شق عصاهم.
لذلك كانت مسألة وحدة الأمة هي من المسائل الحساسة والحيوية التي لا تحتمل التساهل فيها أو التهاون.
فجرم الحكام هذه الأيام الذين فرقوا الأمة إلى أكثر من خمسين دولة جرم عظيم وليس بسيطا أو هينا.
ونحن عندما نتحدث عن وجوب توحد الأمة تحت ظل خليفة وفي دولة واحدة نتحدث بكل ثقة وقناعة بحكم الله الواجب التطبيق والقابل للتنفيذ. لكن تطبيقه وتنفيذه لا يتصور في ظل بقاء الحكام الحاليين الذين قسموا الأمة وحرصوا على جعلها دولا وحظائر، ووضعوا لكل منها علما وحدودا ودستورا، ليتأكدوا من الحيلولة دون وحدة الأمة من جديد.
لذلك كان الحديث عن توحيد الأمة يعني بالضرورة حديثا عن إزالة الحكام وخلعهم عن عروشهم وتنصيب خليفة واحد مكانهم. فالحكام والأنظمة المدعومون من الغرب هم الصخرة الكأداء أمام وحدة الأمة وعزتها.
ولقد شاهدنا بأم أعيننا ما حل بنا جراء حالة الفرقة التي اصطنعها الاستعمار وحافظ عليها الحكام في بلادنا، فذبحت غزة من الوريد إلى الوريد ولم تقو الأمة على نصرتها بسبب حالة الفرقة التي أوجدها الحكام والغرب.
ومن قبل غزيت العراق وأفغانستان والشيشان وألبانيا، ولم تتمكن الأمة من نصرتها أو نجدتها بسبب حالة الفرقة التي تحياها، فتمكن الاستعمار من التفرد ببلادنا واحدة تلو الأخرى والأمة تشاهد ذلك وتبكي دون حراك. في حين لم يحدث في تاريخ الأمة أن هزمت وهي متحدة.
لذلك كانت مسألة وحدة الأمة مسألة حيوية ومصيرية وليست هامشية أو عرضية، فوحدتها هي التي تجعلها قوية مهابة، وبها تجتمع قدراتها في سلة واحدة، فتصبح عصية على الانكسار أو الهزيمة، فتطوي الأرض تحت أقدامها وتجوب البلاد فتحا وسيادة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس باهر صالح
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير