الإثنين، 21 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

دروس وعبر من الحج

  • نشر في الثقافي
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1311 مرات

الحمد لله حمد الشاكرين, والعاقبة للمـتقين, ولا عدوان إلا على الظـالمين, والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين, وعلى آله وصحبـه الطـيبين الطـاهـرين, ومن اهــتـدى بـهديـه, واستن بسنــته, وسار على دربـه, ودعا بـدعوتـه إلى يوم الدين , واجعلنـا معهم, واحشرنـا في زمرتـهم, بـرحمتـك يا أرحم الراحمين.

أما بعد:

قال الله تعالى في محكم كتابه, وهو أصدق القائلين:

{ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ @ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} الحج  26 و27 .

 

إخوَة َ الإسلام:

عندما أراد الله سبحانه وتعالى للبيت العتيق أن يبنى, وترفع قواعده, وأراد لأرض الحرم أن تكون مهوى أفئدة الناس, أمر نبيه وخليله إبراهيم عليه السلام أن يسكن ابنه إسماعيل عليه السلام  وأمه هاجر, مكة المكرمة.

 

وعندما ولى إبراهيم ظهره وأراد أن يغادر المكان, ويتركهما في هذا المكان, قامت إليه هاجر وتعلقت بثيابه وقالت: (( يا إبراهيم, أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه ضرع, ولا زرع, ولا أنيس ولا زاد ولا ماء؟))

 

قالت له ذلك مرارًا وتكرارًا, وجعل إبراهيم لا يلتفت إليها  حتى قالت له: (( آلله أمرك بهذا؟))  قال: (( نعم )) قالت: (( إذن لا يضيعنا!))  ثم رجعت, وانطلق إبراهيم والألم يعتصر قلبَه, حتى إذا كان عند الثنية, بحيث لا يرونه استقبل البيت بوجهه, ثم دعا بهذا الدعاء الذي ذكره الله تعالى في كتابه فقال: { رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } إبراهيم37

  

أيها المؤمنون:

 وهكذا استجاب رب العالمين لنداء إبراهيم عليه السلام فجعل مكة مهوى أفئدة الناس تحِنُّ إليها, وتحنُّ إلى زيارة بيت الله الحرام.

 

إخوة الإيمان:

  انظروا لأنفسكم, ألا يتمنى كلُّ واحدٍ منكم أن يزور بيت الله الحرام؟ ألا يعتصر قلبُ أحدِكم ألما ً عندما يرى الحجيج يلبون نداء الله تعالى, وهو في بيته ينظر إليهم؟ ألا يتمنى أحدكم لو أنه معهم يلبي فيقول: (( لبيك اللهم لبيك, لبيك لك لا شريك لك لبيك, إنَّ الحمد والنعمة لك والملك, لا شريك لك؟!)) ألا يتمنى أحدكم لو أن هذه الحواجز التي تمزق بلاد المسلمين, وتفرق شملهم تزول من أمامه, ويكون باستطاعته أن يزور بيت الله الحرام كلما اشتاق إليه؟

 

أجل, ليس أحدٌ من أهل الإسلام إلا َّ وهو يَحنُّ إلى رؤية الكعبة والطواف بها.

 

وهذه هي مكة المكرمة التي لم يكن فيها زرع ٌولا ضرع ولا بشرٌ ولا شجر, يأتيها رزقها من كل مكان استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام, فأصبحت قديمـًا تغشاها القوافل التجارية صيفـًا وشتاءً كما أخبر بذلك رب العالمين حيث قال جلَّ من قائل: ]لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وءآمنهم من خوف[.

 

ولما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت قيل له: (( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ)).  فقال:  (( يا ربُّ, وما يبلغ صوتي؟)) فقال له المولى سبحانه: (( عليك الأذان, وعلينا البلاغ! )). فصعد إبراهيم خليل الله جبل أبي قبيس وصاح بأعلى صوته: أيها الناس, إنَّ الله قد أمركم بحج هذا البيت فحجُّوا)).

فخفضت الجبال رؤوسها, ورُفعت له القرى, فأجابه من كان في أصلاب الرجال, وأرحام النساء, وأجابه كل شيء: (( لبيك اللهم لبيك )). فلم يسمعه يومئذٍ من إنس ٍ ولا جن, ولا شجر ٍ ولا حجر, ولا جبل ٍ ولا ماءٍ ولا شيء إلا َّ قال: (( لبيك اللهم لبيك ))  واستجاب لنداء إبراهيم عليه السلام.

 

أيها المؤمنون:

فَرض الله علينا معشر المسلمين الحج إلى بيت الله الحرام, وجعله ركنـًا من أركان الإسلام الخمسة التي لا يقوم الإسلام إلا َّ عليها. والحج عدا عن كونه اجتماعـًا جامعاً يعبِّر عن وحدة العقيدة والفكر, ويعبر عن وحدة  المشاعر والأهداف, ووحدة الآلام والآمال فيه دروس وعبر كثيرة, يجدر بنا أن نتعرف عليها لنرى حكمة المولى سبحانه وتعالى في فََرْضِهِ هذا الحج على المسلمين:

  • فالحج أيها الإخوة المؤمنين يعني الإقلاع عن كل محرم حرمه الله, وهو عهد مع الله تعالى أن لا يفرط الحاج بفرض فرضه الله تعالى عليه.
  • والحج يذكر الحاج عند لباسه ملابس الإحرام بكفن الموت ولباس الموت. وكفى بالموت واعظـًا, ومن لم يتعظ بالموت فلا واعظ له.
  • والحج يذكرنا بما عاناه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين لأجل هذا الدين,

   - فهنا عذب بلال بن رباح رضي الله عنه وقد كان مولاً ورقيقاً, ولم يكن مثـلنا حرًا, فصبر  واحتمل!

   - وهنا قتلت سمية أم عمَّار صابرة محتسبة أمرها لله, لتكون أول شهيدة في الإسلام, ليس  

    من النساء فقط, بل من النساء والرجال أيضًـا وكانت كبلال جارية وليست حُرَّة!

  • - وهنا عذب خباب بن الأرتِّ رضي الله عنه وغيره من صحابة رسول الله صلى الله عليهم وسلم!
  • - وهنا وقعت غزوة بدر الكبرى أول معركة في الإسلام, وهنا وقعت غزوة أحد التي هزم في نهايتها المسلمون لمخالفتهم أمرًا واحدًا من أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم , فكيف بكم معشر المسلمين تريدون نصرًا وأنتم قد تركتم ما جاء به نبيكم محمد عليه الصلاة والسلام, وحكمتم بغير ما أنزل الله رب العالمين؟

 

  • والحاج عندما ينظر للكعبة, وتدخل هيبتها في قلبه يتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وقف مخاطبـًا الكعبة قائلا ً: «ما أطيبك وأطيب ريحك! ما أعظمك وأعظم حرمتك! والذي نفس محمد بيده, لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك: ماله ودمه, وأن لا نظنَّ به إلا َّ خيرًا».
  • يتذكر الحاج هذا الحديث النبوي الشريف ويقارن ذلك بما يراه اليوم من هوان المسلمين, وقتـل اليهود والأمريكان للمسلمين في كل مكان: في فلسطين والعراق وأفغانستان وكشمير وغيرها من على أرض المسلمين حيث تفتح لهم المطارات والمعسكرات لضرب أبناء المسلمين!
  • والحاج عندما ينظر للكعبة, ويتذكر كيف كانت محاطة بالأصنام, وكيف عمل الرسول صلولات الله وسلامه عليه تحطيم تلك الأصنام لتطهير بيت الله الحرام من جميع الأدناس والأرجاس...
  • يتذكر الحاج ذلك وهو يتفكر في الأصنام البشرية التي نصبت نفسها آلهة من دون الله, تشرع ما تشاء, وتسن أحكاما ً وقوانين كما تريد, كلها تخالف شرع الله, وما نزَّل على رسوله صلى الله عليه وسلم الذي حطم هذه الأصنام وهو يتلو قول الله تبارك وتعالى: { وقل جاء الحق وزهق الباطل إنَّ الباطل كان زهوقــًا}.

 

  • والحج يذكر الحاج بقول نبيه صلى الله عليه وسلم: «لا يجتمع في جزيرة العرب دينان». ليقارن ذلك بما يراه اليوم من عسكرة الكفار في جزيرة العرب لضرب المسلمين في كل مكان! هذا الحديث النبوي الشريف هو الذي دفع الخليفة الثاني للمسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أن يخرج اليهود والنصارى من جزيرة العرب.

 

  • والحج يذكر الحاج فيما يذكره بيوم الحج الأكبر الذي نزلت فيه سورة براءة التي أعلنت فيها براءة الله ورسوله من المشركين, وأعلن فيها نبذ العهود والمعاهدات التي كانت معقودة معهم, وإنذارهم مدة أربعة أشهر كما قال سبحانه وتعالى: ]وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أنَّ الله بريء من المشركين ورسوله, فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم[. عن أبي بكر رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ببراءة لأهل مكة: «لا يحج بعد هذا العام مشرك, ولا يطوف بالبيت عريان, ولا يدخل الجنة إلا َّ نفس مسلمة, ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة فأجله إلى مدته, واللهُ بريء من المشركين ورسولـُه». قال فسار بها ثلاثــًا ثمَّ قال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: « الحقه فرُدَّ عليَّ أبا بكر وبلغها أنت» .

 

  • والحج يذكر بقوة الله تعالى وقدرته كيف حوَّل سبحانه مكة من أرض جرداء لا ماء فيها ولا زرع حتى أصبحت محط أنظار الناس ومهوى أفئدتهم, ومن أغنى بلدان العالم يأتيها رزقها من كل مكان, وكأنَّ الآيات تتنزل الآن تذكر أهل مكة بأن لا يخافوا على أنفسهم عيلة ً ولا فقرًا فقد كانت مكة آمنة في حين كان الناس حولها لا يعرفون الأمان, وكان أهلها شبعى وغيرهم يتضور جوعـًا قبل الإسلام! وكيف يخافون على أنفسهم ورزقهم وقد أمنهم الله وهم على كفرهم, وما ذاك إلا َّ لأنهم من سكان بيت الله الحرام! قال الله تعالى معاتبـًا كفار قريش عندما رفضوا اتـِّباع الهدى خوفـًا من أن يتخطفهم الناس: { وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ }القصص57 . ويقول سبحانه:{ أولم يروا أنا جعلنا حرمًا آمنـًا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون}.

 

أيها المؤمنون:

  • يمنُّ الله في هذه الآية الكريمة على قريش أن أنعم عليهم بنعمة الأمن فيما أحلهم من حرمه الذي جعله للناس سواء, من دخله كان آمنـًا, وهاهم الأعراب من حولهم ينهب بعضهم بعضًا, ويقتل بعضهم بعضًا, فأرض الحرم, وأرض الجزيرة العربية هي أمن وأمان للمسلمين, وحرام على الكفار من كل دين, كما نطق الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وسلم, واستجابة لنداء إبراهيم عليه السلام , فقد فرض الله علينا معشر المسلمين الحج, قال تعالى:{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} آل عمران97
  • وقد جعل المولى سبحانه وتعالى الحج من الأركان الخمسة التي يقوم عليها الإسلام, وجعله من أفضل الأعمال بعد الإيمان والجهاد, فقد ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل: أي العمل أفضل؟ فقال: «إيمان بالله ورسوله», قيل: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله», قيل: ثم أي؟ قال: «حج مبرور».
  • كذلك بين أخوة الإيمان, دين الإسلام, أن الحج يمحو الذنوب والآثام فقد ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه». وقد حذر الإسلام من عدم أداء فريضة الحج للمقتدر, وجعله معصية من أكبر المعاصي, فقد ورد عند الدارمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يمنعه عن الحج حاجة ظاهرة, أو سلطان جائر, أو مرض حابس, ولم يحج, فليمت إن شاء يهوديـًا أو نصرانيـًا».
  • وختامـًا نذكـِّر حجاج بيت الله الحرام بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الحج أفضل؟ فقال: «العج والثج», فأما العج فهو رفع الصوت بالتلبية, وأما الثج فهو إسالة دم الهدي, فالعج يعني فيما يعنيه براءة الحاج من الشرك, والثج يعني فيما يعنيه موالاة الحاج للمؤمنين, فالحج إكمال للدين, ونحر لكل إثم قديم واستعداد للتضحية من أجل هذا الدين العظيم.

 

أيها المؤمنون:

يستذكر الحاج هذه الدروس والعبر وهو يعلم علم اليقين, وليعلم المسلمون من حوله في شتى بقاع العالم أنه لا خلاص لأمة الإسلام مما تعانيه من قتل للنساء والأطفال والشيوخ, وتدمير للممتلكات والطاقات, واحتلال وتدنيس للأراضي والمقدسات, وتمزيق لأواصر الأخوة بين المؤمنين, وتضييق على المسلمين في أرزاقهم ومعيشتهم, وأهم من ذلك تعطيل شرع الله وتعطيل الحكم بما أنزل الله, وتعطيل الجهاد في سبيل الله, لا خلاص لأمة الإسلام من هذه الأمور إلا َّ بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي بشرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي يعد من دلائل صدق نبوته صلوات ربي وسلامه عليه والذي تحققت أربعة أخماسه, وما بقي إلا َّ الخـُمس الأخير.

فقد رَوَى الإمَامُ أحَمدُ في مُسنـَدِهِ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: «تكونُ النـُّبوَّة ُ فيكـُمْ مَا شـَاءَ اللهُ أنْ تكونَ، ثمّ يَرفـَعُها اللهُ إذا شَاءَ أنْ يَرفـَعَها, ثمَّ تكونُ خلافة ً رَاشِدَة ًعَلى مِنهَاج ِ النـُّبوَّةِ، فتكونُ مَا شَاءَ اللهُ أنْ تكونَ, ثمَّ يَرفعُها اللهُ إذا شَاءَ أنْ يَرفعَهَا, ثمَّ تكونُ مُـلكا ً عَاضَّا, تكونُ مَا شَاءَ اللهُ أنْ تكونَ, ثمَّ يَرفعُهَا اللهُ إذا شَاءَ أنْ يَرفعَهَا, ثمَّ تكونُ مُلكا ً جَبْريَّا ً, فتكونُ مَا شَاءَ اللهُ أنْ تكونَ, ثمَّ يَرفعُهَا اللهُ إذا شَاءَ أنْ يَرفعَهَا, ثمَّ تكونُ خلافة ً عَلى مِنهَاج ِالنـُّبوَّةِ, ثمَّ سَكـَتَ.

 

هذا الحديث يعـد من دلائل النـبوة, فهـو إخبار عن غيب , وقد تـحقـق معظـم ما ذكر فيه من النـبوة والخلافة الراشدة, والملك العاض والملك الجبري, وبقي أن يتحقـق جزؤه الأخير, وهو عودة الخلافـة الراشدة من جديد, وقد وصفها الحديث بأنـها ستكون على منهاج النــبوة, سائرة على هديـها.

إخوة الإيمان والإسلام :

ادعوا الله وأنتـم موقـنـون بالإجابة: اللهم ألــف بين قــلوب عبادك المؤمنين, واجمع على الحق كــلمة المسلمين. اللهم وحـد صـفـوفـهم, وانزع الغـل والحسد والبغضاء من قــلـوبـهم. اللهم أبرم لأمة الإسلام أمر رشد, يعز فيه أهل طاعتك, ويذل فيه أهل معصيتك, ويؤمر فيه بالمعروف, وينهى فيه عن المنكـر, وتقوم فيه دولة الإسلام , دولة الخلافة ,التي تـحكـم بالقرآن , وبسنة النـبي عليه الصلاة والسلام, وتـحكـمهما في كــل شأن من شـؤون الحياة. اللهم اعتـق رقـابنا, ورقـاب آبائـنا وأمهاتنـا وأزواجـنا وذرياتـنـا من النـار برحمتك يا عزيز يا غفـار.

اللهم أقـر أعينـنـا بـقيام دولة الخلافـة, واجعلــنـا من جـنـودها الأوفـياء المخلصين.

والسلام عليكـم ورحمة الله وبركاته.

 

بقلم الأستاذ: خليل حرب - أبي إياس

 

إقرأ المزيد...

مسيرة حزب التحرير في إسلام أباد- باكستان "

  • نشر في باكستان
  • قيم الموضوع
    (1 تصويت)
  • قراءة: 2938 مرات

 

 

أيها المسلمون في باكستان !

إن التهديدات والاتهامات الهندية لباكستان في الهجوم على بومباي، ودور الهند في حالة الفوضى والنزاع الحالي في باكستان يؤكد على أن الهندوس لن يكونوا يوماً أصدقاءً للمسلمين بل إنهم لن يدخروا فرصة لإيذاء المسلمين.

أيها المسلمون في باكستان!

إن قوتكم ليست مستمدة من المعتدين الهندوس ولا من تسليم أنفسكم لأمريكا التي سرعان ما تتخلى عنكم عند أهون شدة.

بل مكمن قوتكم في إقامة دينكم العظيم من خلال دولة الخلافة الإسلامية. فتذكروا بأن الخلافة هي التي أرسلت محمد بن القاسم وجيشه للرد على الاعتداءات الهندوسية، وإقامة قاعدة للحكم بالإسلام في المنطقة، واليوم الخلافة هي من ستوحد الأمة تحت راية أقوى وأعظم دولة في العالم، صاحبة الجيش القوي، وذات العدد السكاني الكبير، والأراضي الشاسعة ومصادر الطاقة، أكثر من أي قوة عالمية، والخلافة هي التي ستخلص المنطقة مرة أخرى من ظلم الهندوس.

أيها المسلمون في القوات المسلحة! يا أحفاد محمد بن القاسم!

لقد بشرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح الهند ورتب على فتحها الأجر العظيم، وقد وردت هذه البشارة في أحاديث عدة. فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قوله " وَعَدَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ الْهِنْدِ، فَإِنْ أَدْرَكْتُهَا أُنْفِقْ فِيهَا نَفْسِي وَمَالِي فَإِنْ أُقْتَلْ كُنْتُ مِنْ أَفْضَلِ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ أَرْجِعْ فَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْمُحَرَّرُ" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " عِصَابَتَانِ مِنْ أُمَّتِي أَحْرَزَهُمَا اللَّهُ مِنْ النَّارِ، عِصَابَةٌ تَغْزُو الْهِنْدَ وَعِصَابَةٌ تَكُونُ مَعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَام" .

فبمجاورتكم للهند وقدرتكم على تغير الحال في أقوى بلد من البلدان الإسلامية "باكستان" بين عشية وضحاها تمتلكون فرصة ذهبية لتنفيذ بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحصلوا على الثواب الذي أعده الله سبحانه وتعالى لمن يفتح الهند.

ولكن هذا لن يحصل إلا بإقامة دولة الخلافة التي تقوم سياستها الخارجية على حمل رسالة الإسلام للعالم أجمع. فلماذا لا تعطون النصرة لحزب التحرير لإقامة دولة الخلافة؟ ألا تطمعون أن تكونوا مثل الصحابة الكرام من الأنصار، فتعطوا النصرة لإقامة دولة الإسلام ؟ ألا تتوقون للريح الباردة التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف : "أطيب ريح في الأرض الهند"؟

 

 

 

 

إقرأ المزيد...

    نشرة أخبار الاثنين 8/12/2008

  • نشر في الجولة الإخبارية
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1102 مرات

 

العناوين:

•1-             تقرير أمريكي حديث يؤكد على استمرار قيام النظام المصري بدوره في خدمة المصالح الأمريكية.

•2-             النظام المصري يشن هجوماً عنيفاً على الإسلام والحركات الإسلامية.

•3-             مزاد يهودي  لبيع هدايا الزعماء العرب لزعماء دولة يهود.

•4-             مصرع سبعة جنود من قوات الاحتلال الأطلسية في أفغانستان خلال ثلاثة أيام.

•5-             الدول العربية تستورد القمح وتصدر القمع.

 

التفاصيل:

1-   صدر تقرير حديث عن المعهد الأمريكي لبحوث السياسة الخارجية تحت عنوان (أين تتجه مصر؟) جاء فيه: "إن القاهرة سمحت للطائرات المقاتلة الأمريكية والسفن الحربية بالدخول في المجال الجوي المصري والمياه الإقليمية لها في الأوقات الحاسمة"، وأشار التقرير الذي أعده دانيال كيرتز وهو المرشح لمنصب مبعوث أوباما الخاص في الشرق الأوسط "إن الجيش الأمريكي استفاد كثيراً من المرور عبر قناة السويس قبل وأثناء الحرب على العراق في عام 2003".

وأوضح التقرير أن مصر لا تزال تفعل ذلك حتى الآن "كالتسهيلات للطيران الأمريكي والسفن لعبور قناة السويس التي هي من الأهمية الكبيرة لنشر القوات الأمريكية والعودة من الخليج الفارسي والمحيط الهندي".

وأضاف كيرتز في تقريره: "إن هدف الولايات المتحدة هو جعل مصر قوية بما يكفي لتحمل الضغط والعزلة العربية وليس لجعلها قوية بما يكفي لتهديد إسرائيل".

إن هذا التقرير الأمريكي الحديث يؤكد استمرار النظام المصري بقيامه بالدور المنوط به في خدمة الأهداف الاستعمارية الأمريكية وفي تحويل مصر إلى أكبر قاعدة أمريكية ثابتة في منطقة الشرق الأوسط.

 

2-    هاجم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان المصري مصطفى الفقي الأربعاء الفائت مشروع الدولة الإسلامية في قطاع غزة فقال: "إن مصر لا تتحمل إقامة إمارة إسلامية على حدودها الشرقية".

وزعم الفقي "إن إضفاء الطابع الديني على القضية الفلسطينية يؤدي إلى تفتيتها"، وادعى بأن ما يجري منذ استيلاء حماس على السلطة بأنه "تنفيذ لاستراتيجية إسرائيلية وتقديم أكبر خدمة لإسرائيل".

لقد بلغت وقاحة النظام المصري حدوداً غير مسبوقة في اتهامه للحركات الإسلامية بتنفيذ أجندة (إسرائيلية) بينما يتهالك هذا النظام في تقديم خدماته السخية لأمريكا وخدمة دولة يهود لدرجة أن يشاركها في إحكام الحصار على قطاع غزة.

إن هذا النظام بادعاءاته الزائفة هذه يؤكد مدى عدائه الشديد للإسلام والمسلمين، فيقبل بوجود الكيان اليهودي العدواني إلى جواره بينما يرفض وجود كيان إسلامي يريده كل المسلمين، ويسعى لإبقاء القضية الفلسطينية بأيدي العلمانيين الذين ضيَّعوا فلسطين على مدار الستين عاماً الماضية بينما يرفض تولي الإسلاميين لها.

هذه هي حقيقة النظام المصري المشبوه الذي أماط اللثام عن وجهه القبيح.

 

3-    أُقيم في مدينة هرتسليا في فلسطين المحتلة مزاد علني نظمته الدولة اليهودية لبيع الهدايا التي قدَّمها الزعماء العرب لزعماء ومسؤولين يهود.

وتدخلت أجهزة المخابرات اليهودية في المعرض وأمرت بمنع إظهار أسماء الزعماء العرب وكتاباتهم على الهدايا لعدم فضح الأنظمة العربية.

ومع ذلك فقد سمحت المخابرات بالإفصاح عن بعض المسؤولين العرب كمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية الذي قدَّم هدية لرئيسة الكنيست داليا إيتسيك وهي عبارة عن طقم من الذهب الفاخر والثمين، وتم الإفصاح كذلك عن هدية ملكة الأردن رانيا العبد الله التي قُدِّمت لجهة إسرائيلية تم إخفاء هويتها وهي منفضة كبيرة مليئة بالتحف، كما أنها قامت بالتوقيع على الهدية بخط يدها وهو الأمر الذي رفع من قيمة المنفضة.

والغريب في هذا المزاد أن هدايا عديدة تم تقديمها من قبل الزعماء العرب إلى رئيس الموساد الإسرائيلي مئير دوغان وهو ما يدل على مدى عمق العلاقة التي تربط الدول العربية بدولة يهود فقد أُهدي ساعات ثمينة من أفخم أنواع الساعات وسلاسل من الأحجار الكريمة المرصعة.

ومن الهدايا الأخرى التي لفتت الانتباه درع ثمينة منقوش عليها بخط عريض (القوات المسلحة الأردنية) وهي مهداة إلى الجيش اليهودي.

ومنها أيضاً مجموعة كبيرة من السيجار الفاخر المعروف باسم (كوهيبا) والتي حصل عليها رئيس الحكومة إيهود أولمرت، ومنها كذلك آلة موسيقية ثمينة أُهديت لشارون، ومنها ساعات ثمينة مرصعة بعلم إحدى الدول الخليجية، ومنها موقد فاخر جداً لشواء اللحم رصع بعدد من الأحجار الكريمة، ومنها ساعات ثمينة أُهديت لإسحاق رابين، ومنها كذلك علب مصنعة ومبطنة بقماش أحمر يرجح أنه صنع في سوريا وذلك وفقاً لما نقلت الصحافة اليهودية.

هذه هي حقيقة الزعماء والمسؤولين العرب فقد تم افتضاحها من خلال هذا المزاد اليهودي.

 

4-   تمكن المجاهدون الأفغان الأسبوع الماضي من قتل سبعة جنود من قوات الاحتلال الأمريكية وقوات الإيساف التابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو).

فقد قُتل يوم الجمعة الفائت ثلاثة جنود كنديين وبذلك يصل عدد قتلى الكتيبة الكندية في أفغانستان إلى مائة قتيل.

وقُتل يوم الخميس جنديان دنماركيان بولاية هلمند ليصل عدد الجنود الدانماركيين الذين سقطوا في أفغانستان إلى تسعة عشر جندياً.

وقتل يوم الأربعاء جنديان أمريكيان ليتجاوز عدد الجنود الأمريكيين الذين سقطوا هناك المائتين وخمسة عشر قتيلاً.

وبسبب هذا الارتفاع المضطرد في القتلى الأوروبيين تتردد الدول المنضوية في حلف الناتو بإرسال المزيد من جنودها إلى أفغانستان غير آبهة بالضغط الأمريكي عليها، لا سيما وأن كل التقارير الغربية الصادرة عن قادة قوات الاحتلال في أفغانستان تشير إلى استحالة الحسم العسكري فيها وتؤكد على ضرورة التعاطي السياسي مع حركة طالبان إذا أُريد خروجاً مشرفاً من أفغانستان يحفظ ماء الوجه.

 

5-   نشر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن حالة حقوق الإنسان في العالم العربي خلال عام 2008م تقريراً باسم (الدور الخطير الذي تلعبه الحكومات العربية في تصدير القمع إلى العالم) جاء فيه: "إن القمع قد تزايد بحق دعاة الإصلاح والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافة المستقلة وقادة الاحتجاجات الاجتماعية في البلدان العربية، وأنه اقترن بمساع حثيثة لتصدير القمع الذي فاض عن حاجة العالم العربي من خلال منابر الأمم المتحدة والشراكة الأورومتوسطية التي شهدت ضغوطاً متزايدة من جانب الحكومات العربية للجم أصوات المنظمات غير الحكومية أو إقصائها تماماً من هذه المنابر، وللدفع تجاه إفراغ آليات الحماية الدولية لحقوق الإنسان من مضمونها، وتبني قرارات منافية لمنظومة حقوق الإنسان".

وانتقد التقرير جامعة الدول العربية ووصفها (بدعم النظم الاستبدادية)، وأشار إلى أنها قد تحولت (إلى منصة للهجوم على حرية الرأي والتعبير والحريات الإعلامية)، وأوضح التقرير أن (الحكومات العربية نجحت في التخلص من الضغوط الدولية فيما يتعلق بالإصلاح السياسي ووقف انتهاكات حقوق الإنسان من خلال اتفاقيات الشراكة الأورومتوسطية).

إن هذه الدول العربية التي تستورد كل شيء ابتداء من القمح وانتهاءً بسائر السلع نراها  لا تصدر سوى النفط واللاجئين والجائعين وأضافت مؤخراً إلى صادراتها سلعة جديدة متميزة ألا وهي القمع.

إقرأ المزيد...

  نداء ذي الحجة

  • نشر في ثقافية
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 862 مرات

 

 

 

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْر فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ

قد يفهم البعض بأن دين الإسلام هو فقط دين الثوب والسواك وإطلاق اللحية وبناء المساجد. وقد يفهم البعض الآخر بأن دين الإسلام يأمر المسلم فقط بالصلاة والصيام والزكاة والحج وإجتناب المحرمات. وفي الحقيقة، مثل هذه الأفهام يُعتبر مسخا لدين الإسلام العظيم وجعله دينا كهنوتيا. ولسنا هنا بصدد سرد أحكام الإسلام التي طلب الشارع القيام بها، فهذا يحتاج إلى مجلدات، ولكننا بصدد الإشارة إلى ثلاثة أمور من الإسلام، غابت عن بعض المسلمين، فقصر المسلمون بها، رغم أن كل مسلم طالب بها، كما سيأتي بإذن الله تعالى. فكان نداء ذو الحجة، في هذه الأيام المباركة، تذكيرا بهذه الأمور الثلاثة:

أولا: من المعلوم بأن المسلم لا يكون مسلما إلا إذا شهد بأن لا إله إلا الله محمد رسول الله. ولكن شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله فرغت اليوم عن مدلولها ومقتضاها الحقيقي؟ فلا إله إلا الله محمد رسول الله تعني أن لا معبود بحق إلا اللهْ، بالطريقة التي أوحى الله بها إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. وعبادة الله لا تكون فقط بالإعتراف به كخالق، فالعرب في الجاهليه لم ينكروا أن الله هو الخالق، قال تعالى { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله} ، وقال تعالى { ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ليقولن الله }، وقال تعالى على لسان كفار قريش { ليقربونا إلى الله زلفى}. بلْ عبادة الله تكون أيضا بالإقرار بأن الله عز وجل هو الآمر والناهي، قال تعالى { ألا له الخلق والأمر }، وقال تعالى { إن الحكم إلا لله }، ويزداد هذا المعنى وضوحا في قصة عدي إبن حاتم الطائ المعروفة عند سماعه لرسول الله صلى اللهْ عليه وسلم يتلو قول الله تعالى {إتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله }، فقال عدي: إنهم لم يعبدوهم، فقال صلوات ربي وسلامه عليه: بل إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام، فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم.

وبالنظر في واقعنا اليوم، نرى بأن أوامر الله تعالى في الحكم والإقتصاد والإجتماع والعقوبات والقضاء والجهاد غير مطبقة، واستبدل عوضا عنها بأنظمة كفر، ما أنزل الله بها من سلطان. وهذا يتناقض مع شهادتنا بأن لا إله إلا الله محمد رسول الله. وعليه، فإن الأمر الأول الذي يجب على كل مسلم القيام به في هذه الأيام المباركة، إن لم يكن أصلا من العاملين به، هو العمل لإقامة دولة الإسلام والتي لا ولن يتحقق مقتضى لا إله إلا الله محمد رسول الله الحقيقي إلا بوجودها.

ولا يقال بأن أحكام الكفر المطبقة على المسلمين اليوم يلام عليها الحكام فحسب. لا يقال ذلك، لأن الأمر بالحكم بما أنزل الله مخاطبة به الأمة كأمة، وليس الحكام فحسب، قال تعالى (وأن احكم بينهم بما أنزل الله)، وقال تعالى { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم } ، وقال تعالى { ومن لم يحكم بما أنزل الله فؤلائك هم الكافرون } . فتطبيق الإسلام فرض على الأمة، ومن تطبيق الأمة للإسلام أن تنصب حاكما واحدا ينوب عنها في تطبيق الإسلام، قال صلى الله عليه وسلم (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وأنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم).

فإن قصر الحاكم في أمر من أمور الإسلام، أمرته الأمة بالمعروف ونهته عن المنكر، قال تعالى { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وألئك هم المفلحون }، وقال صلى الله عليه وسلم { لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا } . فأمر حكام اليوم بالمعروف ونهيهم عن المنكر واجب، وإلا سيكون الندم يوم لا ينفع الندم، قال تعالى { وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا، ربنا آتهم ضعفين من العذاب ولعنهم لعنا كبيرا } .

ثانيا: إن القضية الأساسية للرسول صلى اللهُ عليه وسلم وهو في مكة في دور الدعوة كانت إظهار الإسلام، ولذلك قال لعمه أبي طالب ( يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه ما تركتُه) . وحين كان في المدينة وأقام الدولة واشتبك في عدة معارك مع العدو الرئيسي رأس الكفر حينئذ قريش، ظلت القضية الأساسية له هي إظهار الإسلام، ولذلك فإنه في طريقه إلى الحج قبل أن يصل إلى الحديبية بلغه أن قريشا سمعت به وخرجت لحربه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (فما تظن قريش؟ فوالله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة)، والسالفة صفحة العنق، وكنى بانفرادها عن الموت، أي حتى أموت. وبعد أن توصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الصلح مع قريش، وكان بذلك الفتح الأكبر، لأنه هيأ لفتح مكة، وجعل العرب يأتون إلى الرسول صلى اللهُ عليه وسلم يدخلون في دين الله أفواجا، حينئذ صارت القضية الأساسية للرسول صلى الله عليه وسلم ليس إظهار الإسلام فحسب بل إظهاره على الدين كله في غزوه دول أصحاب الأديان الأخرى، كالروم وفارس. ولذلك نزلت عليه سورة الفتح ونزل فيها قول الله تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله}. وقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين وتابعي التابعين بأن هذه قضيتهم هم أيضا، وليست فقط قضية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقصة ربعي بن عامر تشهد بذلك، حيث قال لملك الفرس (لقد أخرجنا الله- ولم يقل أخرج محمدا، صلى الله عليه وسلم- لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الاخرة). وعليه، فإن الأمر الثاني الذي يجب على كل مسلم القيام به في هذه الأيام المباركة، إن لم يكن أصلا من العاملين به، هو جعل قضية الرسول صلى الله عليه وسلم الأساسية، والتي كانت إظهار الدين، قضيتة أساسية له، فيكون ذلك هم كل مسلم ومحور حياته وشغله الشاغل.

ثالثا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم بين لنا أننا أمة واحدة من دون الناس، حربها واحدة وسلمها واحدة، وقال تعالى { إنما المؤمنون أخوة }، وقال تعالى { فإن استنصروكم بالدين فعليكم النصر }، وقال صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسدِ بالحمى والسهر)، وجاء في الحديث (اتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: اُبايعك على الاسلام فشرط علي والنصح لكل مسلم). وعليه، فإن الأمر الثالث الذي يجب على كل مسلم القيام به في هذه الأيام المباركة، إن لم يكن أصلا من العاملين به، هو نصر المستنصرين الذين ضجت بهم شاشات التلفاز في فلسطين والعراق وأفغانستان وكشمير والبوسنة والشيشان والصومال وأوزباكستان وغيرها من بلاد المسلمين، والسهر والحمى بكل ما تحمل الكلمة من معنى لواقعهم المرير، وإخلاص النصح لهم، والعمل على إيجاد "أبو العيال" الذي قال فيه الرسول صلى اللهُ عليه وسلم (إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به)

هذه الثلاثة أمور قد تكون غابت عن بعضِ المسلمين، فكان التذكير بها لقوله تعالى { فذكر إن الذكرى تنفعُ المؤمنين }. فلنري الله فينا خيرا في هذه الأيام المباركة من ذي الحجة.

قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم }

إقرأ المزيد...

  نفائس الثمرات   ذِكْرُ اللهِ تَعالَىْ

  • نشر في من حضارتنا
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1147 مرات

 

قال تعالى: { وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} . وقال تعالى: { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ }، وقال تعالى: { وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ  } وقال تعالى: { وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }، وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً }، وقال تعالى:  { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ } . وقال تعالى:  { الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ  }.

 

والآيات في ذلك كثيرة ، وأما الأحاديث فنذكر منها:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سَبَقَ ‏الْمُفَرِّدُونَ ‏ ‏قَالُوا وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ ) رواه مسلم.

وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ‏يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ‏أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ اقْتَرَبَ إِلَيَّ شِبْرًا اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً " متفق عليه.

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ‏مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ ) رواه البخاري .

إقرأ المزيد...
الاشتراك في هذه خدمة RSS

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع