- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
خبر وتعليق
ثقافة الأمة هي العمود الفقري لوجودها وبقائها
الخبر:
أورد موقع إيلاف بتاريخ 2015/10/13 الخبر التالي: قال نايف الرومي، محافظ هيئة تقويم التعليم العام في السعودية: "التعليم، والتعليم العام تحديدًا، هو حجر زاوية النهضة من أجل التقدم الوطني، وهو واجهة حضارية تعكس مقدار التقدم والسعي إلى تحقيق التحول إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وهو أيضًا من أهم أسس استراتيجية التنمية الوطنية". أضاف الرومي أن الهدف من تحسين نظام بلاده التعليمي العام، واستعانتهم بخبرات مركز التقويم وسياسة التعليم في كلية التربية بجامعة إنديانا الأمريكية، يتجاوز تحسين نظام التعليم لتطوير قوة عمل الشباب السعودي، "فهيئة تقويم التعليم ستؤدي دورًا مهمًا في إحباط الفكر المتطرف، بتسليطها الضوء على الأفكار المعتدلة، وسنعمل على الحفاظ على التعليم بعيدًا عن تلك الأيديولوجية".
التعليق:
إن أول كلمة من كلام الله (القرآن) تصل إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام هي الأمر بالقراءة والتعلّم، ولكن ليس لمجرد المعرفة التي تؤخذ عن طريق الملاحظة والاستنتاج، مثل علم الكيمياء الذي يُطَبَّق في المختبر، ولكن المطلوب مصدر العلم النافع من الله عزّ وجلّ، الذي علَّم الإنسان ما لم يعلم، ووضع له منهج لحياته وهذا ما يسمى بالثقافة.
فثقافة الأمة هي العمود الفقري لوجودها وبقائها، فعلى هذه الثقافة تبنى حضارة الأمة وتتحدد أهدافها وغايتها، ويتميز نمط عيشها، وهي الصانع لشخصيات أفرادها. فالصحابة رضوان الله عليهم خير دليل على ذلك لأنهم تربوا على الإسلام وتشبعت نفوسهم بالثقافة الإسلامية، فلقد كانت دار الأرقم بن أبي الأرقم أعظم مدرسة للتربية والتعليم، كيف لا؟! وأستاذها هو رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهو القدوة وتلاميذه هم الدعاة الذين حرروا البشرية وأدركوا أن حياتهم إنما هي من أجل الإسلام، وأن وجودهم إنما هو من أجل حمل الدعوة الإسلامية، وأن الإسلام وحده هو أساس وحدتهم، وسبب نهضتهم، وأنه هو وحده عزّهم ومجدهم.
وها هم حكام السعودية يستعينون بأعداء الإسلام ليضعوا لنا مناهجنا وليحدثوا فيها التغيير بما يناسب حضارتهم وثقافتهم وهي فصل الدين عن الحياة بذريعة محاربة الأفكار المتطرفة ووضع الأفكار المعتدلة لتمييع الدين وجعله أكثر مرونة ومجاريا للتطور! وكأن الدين الإسلامي دين الرجعية والتخلف، متناسين مكانة الأمة الإسلامية التي ظلت قرونا طويلة وهي عزيزة منيعة تتصدر قيادة الشعوب والأمم طالما كانت متمسكةً بكتاب الله ومنفذة لأحكامه عاملةً بسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فلم ينتشر الفساد بين أبنائها إلا بعد أن حجرت العمل بالقرآن وانصرفت عن السنة، وأصابها قارعة الذين سبقوها من الشعوب والأمم، فضعفت وذُلت.
سبحان الله وهو القائل في محكم التنزيل ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ﴾ [هود: 113]. والركون كما تعلمون هو الميل اليسير، فإذا كان الله جل في علاه يحذرنا من الميل اليسير إلى الكفار! فكيف بالله عليكم بالميل الكثير! أو بالميل كل الميل كموالاتهم، أو الاحتكام لأنظمتهم والسير في ركابهم!!
وإزاء كل ذلك، علينا أن نرفض كل ما يأتي ويتمخض من هذه الحضارة الغربية، بل وأن نقضي عليها وعلى شرورها لأنها لم تسبب إلا الشقاء والعنت للبشرية. فهي حضارة فاسدة، ويكفيها فساداً أنها من صنع البشر القاصرين العاجزين والخاطئين. ولا ينبغي لحكامنا الرويبضات أن يجعلوا للكافرين علينا سبيلا لأنهم لا يحرصون على شيء حرصهم على إضلال هذه الأمة في عقيدتها، فهذه العقيدة هي صخرة النجاة وخط الدفاع ومصدر القوة الدافعة للأمة الإسلامية.
فما نحتاجه اليوم ليس مجرد التغيير في مناهجنا وليس الاستعانة بأعداء الإسلام، بل نحتاج إلى وقفة تأمل في كتاب الله وسُنَّة رسوله عليه الصلاة والسلام، لنصل إلى الفهم الصحيح والوعي الكامل، فنحرص على التزام هذا الفهم الصحيح الذي نحمله، ونَثْبُت على الصراط المستقيم الذي نسلكه، لا يصدنا عن مبدئنا ضغط الواقع، ولا يثنينا عن وحي الله إلى رسوله محمد عليه الصلاة والسلام أذى الظالمين، ولا يجعلنا نتنازل عن حكم واحد من أحكام الله، ونسعى لتطبيق أحكام الإسلام في حياتنا ومجتمعنا، ونتقيد بكافة الأحكام الشرعية. حتى لا نقع بما حذرنا منه رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام «والذي نفسي بيده لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، وباعا بباع؛ حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه!» قالوا: ومن هم يا رسول الله، أهل الكتاب؟ قال: «فـَمَه؟» ـ أي من غيرهم؟
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رنا مصطفى