- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
يا صالح المغامسي... لماذا قلت شيئا وغابت عنك أشياء؟
الخبر:
المغامسي ردا على المنادين بإعادة "خلافة العثمانيين": لم تكن هناك أصلا خلافة حتى تعود
- رادا على المنادين بإعادة "خلافة الدولة العثمانية" مؤكدا على أنه لم تكن لبني عثمان خلافة أصلا حتى تعود... كلمة خليفة هنا تقال تجاوزا يعني مجازا، والحق أن الخلفاء 4، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم جميعا، الراشدون ولا خلافة بعدهم إلى يومنا هذا لم تقم خلافة بالمعنى الشرعي.
- وتابع قائلا: "الخلافة ليست ملكا يتوارث، ومعاوية رضي الله عنه وأرضاه جعلها في بني أمية يعني البيت السفياني ثم البيت المرواني وكذلك بنو العباس توارثوها توارثا وهذا ليس بممنوع شرعا، يعني الشرع لم يجعل حدا معينا لقضية كيف يكون الملك وإنما ما يقوم به أمر الناس.."
- وأضاف: "الخلافة بمعناها الشرعي الذي نقول إن هذا خليفة المسلمين حقا فلا تصدق على آل عثمان ولا تصدق على بني العباس ولا تصدق على بنى أمية حتى بنو عثمان كانوا يتوارثون الملك وكذلك كان بنو العباس وبنو أمية، فهذا حكم يمكن أن يحسن وقد لا يحسن يصلح الله به أو لا يصلح الله به لكن ليست الخلافة المقصودة شرعيا وإنما هو ملك.."
- وأردف: "ولذلك يقال في حق معاوية رضي الله عنه أنه أول ملوك المسلمين، لو قدر أن معاوية جعل الأمر بعده في غير ابنه لكانت خلافة لكن معاوية هو الذي أخذ البيعة لابنه يزيد قبل أن يموت ولهذا قلنا يجوز شرعا لكنه ليس الخلافة المنشودة التي يقولها الناس". (موقع سي إن إن العربي 2019/4/21م) نقلا عن لقاء في قناة إم بي سي
التعليق:
في ظل الحرب الكلامية والإعلامية بين تركيا والسعودية - وهي التي لا يجني منها المسلمون إلا التشاحن على البغضاء والكراهية - وفي ظل تصاعد أصوات المنادين بإعادة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة كما وعد بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولهفة نفوس المسلمين واشتياقهم إلى عودتها، وفي ظل الظروف العصيبة التي تمر على الأمة الإسلامية، يأتي كلام الشيخ المغامسي ليخلط الحابل بالنابل ويشكل على الناس في أمر دينهم بل وحتى في فرض شرعي اعتبره العلماء تاج الفروض وهو الحكم الشرعي بالخلافة.
أولا: فإن القول إن الخلافة الأموية والعباسية والعثمانية هي ملك متوارث هو قول صحيح وينطبق عليها الوصف بأنها إساءة تطبيق للحكم الشرعي، صار الأمر فيها متوارثاً للأبناء والأحفاد، وقد سماها الرسول صلى الله عليه وسلم "ملكا عاضا" وقد سمى عليه الصلاة والسلام ما يأتي بعدها بالملك الجبري، وهو الأمر الذي نعيش عليه الآن في ظل حكام الضرار في زماننا هذا، وقد بشر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الملك الجبري يتبعه خلافة راشدة على منهاج النبوة، فلماذا جاء الشيخ على ذكر الملك العضود وأغفل أمر الملك الجبري، وخذّل الناس عن طلب عودة الخلافة على منهاج النبوة وهي التي بشر بها نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم؟!. ولا أظنه قد نسي أو لم يعلم، فمثله يحفظ الحديث ويفقه، فلماذا تثاقل لسانه عن قول كلمة الحق؟!
ثانيا: إن الخلط على الناس في موضوع عودة الخلافة العثمانية أم عودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، هو أمر ظاهر ولا يخطئ فيه إلا جاهل أو متعمد، فالمطالبة بعودة الخلافة العثمانية أمر لا يكاد يذكر، بل إن أصحاب الأمر في تركيا نفسها لم يقولوا يوما بعودة الخلافة لا العثمانية ولا غيرها، بل إنهم قطعوا على أنفسهم العهود والمواثيق أنهم لا يسعون لذلك أبدا، فلماذا يأتي إنكار الشيخ على ما هو ليس بموجود؟! إن الجواب واضح، فأصوات المطالبين بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة أرقت مضاجع الحكام الجبريين، وآذت مسامعهم، وساءهم ما يصلهم عنها، ولذلك يطلقون أبواقهم الإعلامية لكي تبعد الناس عنها وتشوش الأجواء بضرب الأفكار ببعضها وتسميمها ولكن هيهات أن يصلوا إلى مبتغاهم وقد أظهر الله الحق لعباده، وهنا نذكر الشيخ بقوله تعالى في سورة البقرة: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
ثالثا: فإن الخلافة بمعناها الشرعي أنها رئاسة عامة لجميع المسلمين في الدنيا، تقوم على رعاية شؤون الناس بالإسلام في الداخل وحمله إلى البشرية كافة في الخارج، فهي ليست ملكية ولا جمهورية ولا إمبراطورية ولا اتحادية بل هي دولة خلافة يقوم نظام الحكم فيها على أربع قواعد وهي (السلطان للأمة، والسيادة للشرع، ونصب خليفة واحد فرض على المسلمين، وللخليفة وحده حق تبني الأحكام الشرعية) وهي بمعناها الشرعي لا تكون إلا لخليفة واحد لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ، فَاقْتُلُوا الآخَرَ مِنْهُمَا» رواه مسلم، ولم يرد في الشرع أنه يجوز أن يكون الأمر غير ذلك، ولم يجعل الله الأمر للناس يختارون فيه كيف يشاؤون، والقول بأن "الشرع لم يجعل حداً معينا لقضية كيف يكون الملك" هو قول باطل ولا أساس له في الإسلام، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم أوضح للناس هذا الأمر بكل تفاصيله والصحابة الكرام من بعده طبقوه وساروا على هدي نبيهم فيما أرشدهم إليه في هذا الأمر، فكيف يقال بعد ذلك إن الأمر للناس يختارون فيه ما يشاؤون؟! بل وكيف للشيخ أن يقول إن ما لا ينطبق عليه المعنى الشرعي للخلافة وهي الملك ثم يقول بأنها تجوز شرعا؟ أيصير ما ليس شرعيا شرعيا؟! أم هو جمع للمتناقضات؟!
أخيرا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الأمراء كما جاء في مسند أحمد، قد اختصر الأمر كله حين قال: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةٍ. ثُمَّ سَكَتَ». فهل بعد هذا البيان من بيان وهل بعد هذا القول من قول؟! والله لا يكون بعد الملك الجبري هذا إلا خلافة راشدة على منهاج النبوة، عمل لها من عمل، وتهاون عن العمل لها من تهاون، ولكن من تخاذل وخذل؟!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ماجد الصالح – بلاد الحرمين الشريفين