- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
التباين في همّ الساسة العراقيين وهموم الناس
الخبر:
قال برهم صالح رئيس الجمهورية العراقية في بيان تلقته وكالة الأنباء العراقية (واع)، "نتقدم إلى أبناء شعبنا العراقي والمسلمين كافة بأجمل التهاني وأزكى التبريكات بمناسبة حلول العام الهجري الجديد، ونستذكر في هذه المناسبة العطرة معانيَ خالدة وراسخة في الصبر والإخلاص والعزيمة والتضحية والكرامة والنضال من أجل إحقاق الحق وتعزيز روح التآزر والتراحم، ورصّ الصفوف وترسيخ التعاون لمواجهة التحديات والأزمات".
وتابع: "العام الهجري الجديد يطل علينا وأمامنا استحقاقات وطنية غير قابلة للتهاون، تتجسد في التأسيس لدولة قادرة ومقتدرة خادمة للمواطنين تُسخر خيرات البلد من أجلهم وتكون في أمن مع شعبها وجوارها، والمرتكز في ذلك إجراء الانتخابات المقبلة بحيث تكون مستندة على الإرادة الحرة للعراقيين وطموحاتهم في مستقبل واعد يليق بهم وبصبرهم ونضالهم وتضحياتهم، وتكون انطلاقة نحو الإصلاح المنشود ومكافحة الفساد والحكم الرشيد المستند على حكم الشعب بلا قيمومة أو وصاية أو تدخل".
التعليق:
إن المتتبع لما يجري في العراق يرى بوضوح حجم المأساة التي وصل إليها البلد، والهوة الواضحة بين الحكومة والمجتمع، كما يرى التباين في هموم كل طرف، فالحكومة العراقية لا هم لها إلا إصلاح العملية السياسية والمحافظة عليها من الانهيار، وترى أن ذلك يتم عبر تحشيد الناس للانتخابات مستغلة بذلك أوجاعهم فتطلق الخطابات الفارغة والبيانات الجوفاء والوعود الكاذبة.
في حين إن هموم المجتمع وما يعانيه من ألم وحسرة وضياع في جميع مفاصل الحياة علاجه مغاير تماما لعلاج همّ الحكومة، لأن ما وصل إليه المجتمع من مأساة وضياع سببه النظام القائم ودستوره المشؤوم الذي قنن السرقة والجريمة وأعطى حصانة لأصحابها، وبذلك أصبح البلد مشاعا لكبار السراق والمجرمين في الوقت الذي يلاحقون فيه سارق الرغيف لمحاسبته ومعاقبته، فوقع المجتمع في الهلاك الذي حذر منه رسول ﷺ عندما أهمّ قريشاً شأنُ المخزوميَّةِ التي سرقت فقالوا من يُكلِّمُ فيها رسولُ اللهِ ﷺ؟ قالوا: ومن يجترئُ عليه إلا أسامةُ بنُ زيدٍ حِبُّ رسولِ اللهِ ﷺ، فكلَّمَه أسامةُ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟! ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ، فَقَالَ: إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» رواه النسائي
فعلاج هموم المجتمع ليست صناديق الاقتراع ولا علاقة له بترقيعات الدولة، لأنه يجب أن يكون جذريا يقوم باستئصال المرض وأسبابه من جذوره، وسببه معلوم وقد بات واضحا للجميع؛ وهو النظام الفاسد والدستور الذي وضعه المحتل، وعندما سمحت أمريكا بالاقتراع، عملت ذلك بعد أن قننت الاستعمار وتركت للشعب العراقي اختيار من ينفذه، فالحل الوحيد والذي لا حل غيره لكل مآسي ومشاكل الأمة هو الرجوع إلى الله وقلع النظام القائم ودستوره الكفري وإعادة حق الله المغتصب في السيادة والتشريع، وعندها فقط تزول جميع الهموم في ظل حكم الإسلام ودستوره الإلهي، فيتحقق وعد الله سبحانه بالاستخلاف والتمكين لعباده المؤمنين الصالحين. ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مازن الدباغ